منصب رئيس الوزراء فى وقت ترتجف فيه قلوبنا من أجل مستقبل أفضل لبلادنا ومؤسساتنا .. يتطلب رجل دولة تتوافر فيه إمكانات فلسفية من نوع خاص وعقلا متسلحا بالمعرفة والثقافة والتخطيط السليم ويتسم بالعمق المستتقبلى .. تلك المسئوولية الجسيمة تحتاج إلى مسئول حازم وصارم يمتلك رؤية فكرية أولا وخبرة سياسية رفيعة ثانيا ثم قدرات تنفيذية فذة ثالثا .. ورجل يعى تماما أن الوطن بحاجة إلى تجييش المجتمع لبناء عناصر القوة الانتاجية بأكثر من حاجته إلى تجييش العواطف وإلهاب المشاعر .. ورئيس حكومة مؤثر يستطيع أن يحول الحلم لحقيقة والأمل لواقع والطموح لعمل .. فالهوة بين المواطن وحكومته أصبحت سحيقة لدرجة تكاد ان تخفى معها بواعث الأمل.
وفى ظل هذه الاحباطات والانكسارات والضغوط النفسية والمادية التى تكبل الكادحين والمهمشين وغيرهما نجد أن ما حدث يتنافى مع طموحات المواطن الذى يريد أن يشرب بعد عطش ويرتوى بعد ظمأ ويحتاج إلى فرحة تنسيه جبل الهموم التى كادت أن تقضى عليه .. بل يستحق رئيس حكومة قوى بدرجة كافية لحمايته من قوانين السوق التى لا ترحم .. ويتمنى من حبات قلبه رجل حكيم يملك القدرة على إعادة تحقيق التوازن الاجتماعى والطبقى ولديه من التركيبة الاجتماعية والأخلاقية ما يمكنه من القيام بهذا الدور عظيم الأهمية .. لأن قطاعنا الجمعى يتطلع إلى غد أفضل تدور فيه عجلة التنمية الحقيقية وتزدهر معه السياحة وتعم فيه البهجة والرفاهية والرخاء.
ومن نافلة القول أن المواطن الذى سئم من المهدئات والمسكنات التى توافرت بكميات هائلة فى صيدلية الحكومة .. كان ينتظر رئيس وزراء تعظمه أفعاله لا كلماته ولا تصريحاته.. بل كان بحاجة فى مثل هذه الظروف الصعبة والدقيقة لرجل لديه القوة لمواجهة الأزمات والتعامل معها وايجاد حلول حاسمة لها.
وبعيدا عن كلمات كتلك اعتقد أنه من الشهامة واحترام الذات عندما يشعر أى مسئول مهما علا منصبه وارتفع موقعه أنه فاشل والمنصب كبير عليه أن ينسحب فى هدوء بدلا من المكابرة والاستمرار فى الفشل.
وسوف يتساءل واحد وهو يشد شعر رأسه بغيظ ويقول : كم وزيرا فى مصر يتحلى بالشجاعة ويستطيع تحمل مسئووليته السياسية والأخلاقية ؟ وعما يجرى داخل وزارته ؟ وكم وزيرا عليه الاسراع بتقديم استقالته لوقوع تجاوزات وممارسات وأزمات وقضايا فساد صادمة .. لكن المؤسف أن ترى بعضهم يرمى باللائمة على سابقيه.
والسؤال بالطبع ليس مطروحا بهدف جلد الذات أو البكاء على الأطلال أو الحزن على اللبن المسكوب حسب التعبيرات الذائعة التى ترفض عادة التعامل مع حقائق الواقع .. كما أن كلامنا ليس للتجريح وانما للتصحيح لأننا نريد سياسات جديدة وخيالا لا ينضب ورؤية متجددة تعكس قيم وأهداف موجتين للثورة المصرية تتحسن معها الخدمات ويرتفع بها مستوى المعيشة.