الرئيسية / اهم الاخبار / مارد الدلتا بين الحقائق والغموض

مارد الدلتا بين الحقائق والغموض

كتبت : هبة العقيلي

أعده للنشر: ميادة ميمي

اصبحت شركة الدلتا للاسمدة “ساحة يتحد ويتكاتف عمالها جمعياً ، لتشكيل قوة تدعمها الأدلة والمستندات لديهم ، من أجل الانتصار علي شبح التصفية الذي يطادر مؤخرا ًبعض شركات القطاع العام ويلتف الان حول ” سماد طلخا “.

فيسعون لتوصيل الحقائق في طريق ملئ بالاقاويل والشكاوي والقرارات التي تستهل عليهم كصاعقة ، ولكنهم ظلوا يد واحدة مطالبين من المسئولين إزالة الغموض تجاه أوضاعهم والوفاء بخطة التطوير.

– تاريخ مارد الدلتا –

تعتبر شركة الدلتا للأسمدة من أقدم وأعرق شركات الأسمدة في الوطن العربي فهي منبثقة من الشركة الأم “شركة النصر للأسمدة بجبل عتاقة بالسويس” التي أنشأها الإقتصادي المصري عبود باشا عام 1946 لمواجهة الإستثمارات الأجنبية،وقام بعد ذلك الزعيم جمال عبد الناصر بتأميمها , وفي1970 كانت مصر في حاجة شديدة للأسمدة بعد بناء السد العالي لحجز طمي النيل خلفه.

فقررالرئيس عبد الناصر آنذاك نقل المصنع من موقعه إلي مكان آخر في حضن الدلتا لتشغيله وإنتاج الأسمدة بعيداً عن العدو الإسرائيلي وقتها , ووقع الإختيار علي المكان الحالي بالقرب من قرية ميت عنتر مركز طلخا بسبب توافر مياه النيل والأيدي العاملة والبعد عن مناطق القتال والقرب من حقل الغاز الطبيعي ” بئر أبو ماضي ” فهو المادة الأساسية لصناعة الأسمدة وتم الحفاظ علي المصنع ونقله تحت نيران المدفعية والطيران ليلاً من موقعه بالسويس إلي مكانه الحالي .

وبعد إنتصار أكتوبر العظيم عام 1973 ونظرا لظروف مصر الإقتصادية بعد الحرب تم التعاقد علي إنشاء مصنع آخر لإنتاج سماد اليوريا عام1975 علي أن يتم التمويل بالكامل من الصناديق العربية وكان هذا المشروع الضخم أول تعاون إقتصادي حقيقي بين مصر والدول العربية ولكن بعد زيارة الرئيس السادات للقدس عام1977 حاولت الدول العربية الضغط علي الإرادة المصرية فقامت بسحب تمويل المشروع ولكن مصر بالرغم من الظروف الإقتصادية قامت بتوفير التمويل اللازم لإستكمال المشروع تأكيدا للإستقلال.

وقبل رحيل الرئيس المصري محمد أنور السادات بنحو 10 أيام فقط، زار مصنع “سماد طلخا”ووصف شركة “الدلتا للأسمدة” على هامش تصريحات أثناء الزيارة بأنها  ” مارد الدلتا ”  لما تقدمه من دعم هائل للفلاح المصري .

فهي شركة مساهمه مصرية بنسبة 100%، تابعة للشركة القابضة للصناعات الكيماوية، يبلغ رأس مالها المرخص به 1.2 مليار جنيه، ورأس مالها المدفوع نحو 401 مليون جنيه ويلحق بالشركة مدينة سكنية مكونة من 28 عمارة بها 556 شقة , فضلا عن جمعية إسكان خاصة مكونة من 12 عمارة بها 352 شقة مملوكة لعاملين بالشركة وغيرهم.

 – شكاوي مُبررة –

هذا المصنع عندما تم نقله إلي مدينة طلخا بالدقهلية عام1970 لم تكن قضية المحافظة علي البيئة مطروحة في مصر أو حتي في الدول المتقدمة ومع بداية تشغيل مصنع سماد اليوريا عام 1980 وبداية إنتشار الوعي البيئي , رسخ في وجدان الشركة أن الحفاظ علي البيئة واجب ديني وأخلاقي قبل أن يكون إلتزام قانوني وأن أي تجاوز في تلوث البيئة سيكون مردوده سيئا علي جميع العاملين بالشركة وأسرهم المقيمين إقامة دائمة في المناطق المجاورة للمصنع.

وقامت الشركة جاهدة في الفترة من 1983 وحتي عام2007 بتوفيق كافة أوضاعها البيئية وأنفقت حوالي 170مليون جنيه وحصلت إيضا علي شهادة الجودة في البيئة عام 2004 وكانت أول شركة صناعية في مصر توقف الصرف علي نهر النيل عام 1983 لانها لديها محطة لمعالجة الصرف الصحي والصناعي .

كما ان الشركة حاصلة علي موافقة جهاز شؤون البيئة علي خطة التوافق البيئي والتي تبدأ من ديسمير 2019 وتنتهي 2022، مما يجب الاشارة إلي ان الشركة ايضا تمتلك (4) محطات للرصد البيئي للإنذار المبكر في جوانبها المختلفة داخل وخارج المصانع لرصد اي انبعاثات وسرعة التحكم فيها ومنعها في اسرع وقت وعلي اتصال مباشر بالشبكة القومية للرصد التابعة لجهاز شئون البيئة , وافادة مؤخراً السيدة وزيرة البيئة بالموافقة علي إعادة تاهيل الشركة في مكانها في خطاب موجه للسيد وزير قطاع الاعمال.

كما قال موضحاً م/ سمير الديسطي “رئيس قطاعات شئون ونظم البيئة والجودة في الشركة ” إن هناك غازين ينبعثوا من الشركة وهما غاز الأمونيا وغاز ثاني اوكسيد النتروجين مع العلم ان غاز ثاني اوكسيد النتروجين لم ينتج من المصانع لدينا فقط انما الكم الاكبر في مصر ينتجه عوادم السيارات لذلك عند الرجوع لتقارير وزراة البيئة لقياس نسب التلوث سوف نجد أن تركيز هذا الغاز في المنصورة ثلث تركيزه في القاهرة .

اما عن غاز الامونيا , فهو غاز له رائحة نفاذة تُشم من حدود قريبة جدا لذلك نعترف بوجود بعض الشكاوي المسبقة لأهالي المنصورة بسبب تسريب نسب أمونيا لهم ولكن هذا يحدث بشكل طارئ اثناء إنقطاع الكهرباء عن الشركة للساعات فيسبب هذا ضيق للعاملين قبل سكان المحافظة الذين ينزعجون من الرائحة فقط ولا يعلمون انه يدخل اجسامهم من خلال بعض الشركات التي تستخدم غاز ” بيكربونات الامونيوم” كمواد رافعة لهم في صناعة العديد من المواد الغذائية.

ولكن وزراة البيئة استجابت لهذة الشكاوي وتم اغلاق الشركة اكثر من مرة للتحقق في الواقعة و سرعان ما تم إعادة فتح الشركة مرة اخري بعد التأكد من سلامة توافقها البيئي وان ما تحتاجه فقط هو ” التطوير ”

افادة وزيرة البيئة بالموافقة علي إعادة تاهيل الشركة في مكانها .

– خطة لم تكتمل بعد –

قامت الشركة بتنفيذ تعليمات وزير قطاع الاعمال العام اثناء زيارته للمصانع في 2018/9/29 بإجراء “مراجعة فنية ” كاملة للشركة علي ان يتم الانتهاء منها بحد اقصي 24 شهر وتم نشر الاعلان بجريدة المصري اليوم لطلب الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال لتنفيذ هذه المهمة , وبالفعل تم التواصل والرد علي الاستفسارات الواردة ، وقامت بشراء كراسة الشروط كلاً من شركة Haldor topsoe” وشركة ” THYSSENKUPP “ونظراً للجائحة و اعياد الكريسماس تمت الموافقة من قبل اللجنة المذكورة علي تاجيل المناقصة حتي 2021/3/1 .

علماً بإن الشركة بها بنية تحتية و مرافق كاملة بالاضافة إلي مجمع ورش متكامل ومحطة توليد كهرباء ومحطة مياة مستلقة ومحطة صرف معالج ومصنع للبلاستيك وكذلك مركز لتطوير وتصنيع الاسمدة المركبة مما يترتب عليه خفض تكلفة عملية التطوير علي أرض الشركة ، ولكن وقعت الصدمة بإنعقاد جمعية عامة غير عادية في تاريخ 2020/12/31 وكانت من اهم قراراتها نقل مصانع الشركة إلي موقع شركة النصر للأسمدة والصناعات الكيماوية بالسويس مع نقل 500 عامل وتعويض الاخرين.

لذلك وجه إحدي المسئولين في وحدة انتاج سماد اليوريا في الشركة تساءلاً إلي الجمعية العامة غير العادية  التي كانت أول قراراتها هي الموافقة بالاغلبية علي نقل وحدات الشركة إلي شركة النصر بالسويس وكان الثاني هو تشكيل لجنة فنية للمعاينة فهنا يكمن التناقض ؟! فلابد أن تسبق الدراسة والمعاينة قرار الموافقة علي النقل مدعماً ذلك بأن أرض الشركة مُتشبعة بالمواد الكمياوية منذ اكثر من 40 عاماً ولايصلح البناء عليها إلا بعد معالجة التربة التي تتكلف مليارات الجنيهات .

كما اضاف ان الشركة تقدم تضحيات علي حساب الخدمات المقدمة للعمال وصيانة قطع غيار معداتها ، وتتحمل الاعباء والقرارات الاقتصادية المتغيرة كل هذا في سبيل  دعم الفلاح المصري لذلك ليس من العدل ان نقول ان الشركة” بتَخسر إنما هي بتُخسر.

وزير قطاع الأعمال أثناء جولته في الشركة عام 2018

– عراقيل النجاة –

حققت الشركة من عام 1998 حتي عام 2013 ارباحاً بلغت 1،388 مليار جينة وفي عام 2014 قامت الدولة برفع سعر الغاز من 3$ لكل مليون وحدة حرارية إلي 4$ أدي ذلك إلي ارتفاع تكلفة الإنتاج وتسبب في تحقق خسارة تقدر بقيمة 298 مليون جنية في عام 2014 وفي عام 2015 تم رفع الغاز مرة اخري إلي 4,5$ مع ثبات التوريد لوزراة الزراعة كما في العام المالي 2015 قامت الدولة بقطع الغاز عن المصانع لحل ازمة انتاج الكهرباء مما أدي الي توقف المصانع فترة طويلة فبلغت الخسائر في هذا العام 205 مليون جنية وبالرغم من ذلك قام مجلس الادراة بعمل عمرة شاملة بتكلفة إجمالية 300 مليون جنية تم تمويلها ذاتياً بالكامل من الشركة.

وفي عام 2016 سمحت الدولة للشركة بيبع 45% من الانتاج بيع حر لتبدأ الشركة في الانطلاق لتعويض الخسائر لكن في نفس العام وبالتحديد في شهر نوفمبر 2016 قررت الدولة تمويم الجنية فارتفع سعر الدولار من 8 جنية إلي 18 جنية مما ادي الي ارتفاع كبير في تكلفة الغاز ومدخلات الانتاج مع ثبات اسعار التوريد للبنك الزراعي مما ادي الي ارتفاع الخسائر إلي 517 مليون جنية بالاضافة إلي قرار وزير التجارة والصناعة بفرض رسم صادر قيمته 500 جنيه علي طن لتصدير الاسمدة .

وبالرغم من كل هذة القرارات الاقتصادية بلغت قيمة الصادرات للشركة في العام المالي 2018/2019 بقيمة 990 مليون جنية اي ما يعادل 63 مليون دولار , كما نجحت الشركة في الوصول الي سداد كل مستحقات شركة بتروتربد من مسحوبات الغاز عن العام 2019/2018 وكل اقساط جدولة المديونية وايضاً تقليل الخسائر من 859 مليون جنية في العام السابق 2018/2017 إلي 484 مليون جنية في العام 2019/2018 بنسبة 56%.

بيان اجمالي المبالغ المسددة لشركة بتروتريد

– لا لفقدان الكيان –

كما قال مفسراُ م/ محسن الشحات مدير ادارة السلام والصحة المهنية في الشركة حقيقة ما تردد مؤخراً عن حدوث ما اُطلق عليه وسائل الاعلام والمسئولين ” انفجار ” في وحدة الامونيا , وان ما حدث ليس انفجار انما هو انصهار للمواسير الداخلية في أحدي الافران نتيجة انقطاع التيار الكهربائي بشكل مفاجئ وكان من المفترض ان هذا الفرن ضمن خطة التطوير ولكن لما لم ياتي فرن جديد ؟ ولماذا توقف العمل في الشركة بالرغم من ان وزير الزراعة ارسل جواب لوزير قطاع الاعمال العام ينص علي ” ان منذ شهر إبرايل الشركة لم تورد لهم وهناك عجز 40% في الاسمدة في السوق .

الفرن الذي حدث بداخله الحادث

واما عن قرار النقل وتعويض العمال قال انه منذ تخرجه هو يسعد بكيانه الوظفي للسنوات عديدة وهكذا إيضا أغلب العمال والإداريين الذين تترواح اعمارهم معظمهم بين 30 إلي40 سنة ” هيروح يشتغل في فين في السن ده وهو طول عمره موظف ”  لذلك هذا القرار لم يكن حلاً انما سوف يزيد من اعداد البطالة في الدولة.

” والجدير بالذكران الشركة تضم عمالة دائمة مباشرة وعددها 2464عامل 80% منهم عمالة فنية ( إنتاج وصيانة ) بمتوسط اعمار 65% ما دون سن الاربعين وعمالة غير مباشرة ويبلغ عددها ما يقرب من 5000عامل ”

احدي عمال الشركة

واضاف محمد موافي فني صيانة والمتحدث الإعلامي عن عمال الشركة : بأن قرار النقل كان صادماً لهم وان عملية التعويضات وانتقال 500عامل لشركة النصر في السويس سوف تُستقبل بالرفض والامتناع لإننا جميعاً نسعي للمصلحة العامة وليس الشخصية “حتي لو وصلت التعويضات لمليون جينة مين اللي هيقبل يتنقل وزميلة مرمي في الشارع ” .

ا

العمال في اعتصام لحماية الشركة

كما قال مستشهدا بمثال حي من واقع عمله يوضح صعوبة عملية النقل ” انا اما بفك مسمار مش بيطلع سليم ” فكيف ستتم عملية النقل ! وبالرغم من تقادم المعدات منذ اكثر من 40 عاما لكنها كانت تعمل بكامل قوتها وان كل ما نعاني منه الان هو توقف المصانع عن العمل وبالأخص أن هناك طلبيات 5000 طن حامض نتيرك وسعر الطن 3000 جنية كان من الممكن ان يدخل في هذ الوقت العديد من الارباح للشركة .

وخاصة أن الشركة قامت بتوريد معدات استثمارية للحفاظ علي استمراية تشغيل المصانع بقيمة اجمالية 189 مليون جنية مصري وهناك قطع غيار جاري توريدها بقيمة اجمالية 31 مليون جنية مصري وتم تصنيع عدد (9موفر) لوحدات انتاج حامض النتيرك محليا بقيمة 9مليون بالاضافة الي بعض المشاريع الخاصة باحلال وترميم المنشات الصناعية التي تمت داخل الشركة بطلخا من 2000 إلي 2020 بقيمة اجمالية 78 مليون جنية مصري. .

توقيعات بعض أعضاء مجلس النواب لمساندة عمال الشركة لتطوير بمقرها الكائن بمركز طلخا

وتظل التساؤلات والمخاوف يوم بعد يوم ومأزال رد جميع المسئولين أن شتي الأمور محل دراسة ولم يأخذ حتي الأن قراراً حاسماً لذلك يبقي الانتظار سيد الموقف .
.

شاهد أيضاً

مواعيد حجز تذاكر قطارات عيد الفطر المبارك

كتبت: مي وليد تواصل هيئة السكة الحديد فتح باب حجز تذاكر السفر بمناسبة قرب عيد …