الرئيسية / اهم الاخبار / حياة بحضرة الموت 

حياة بحضرة الموت 

بقلم : مارلين نشأت

يفترشون المقابر ، و يلتحفون السماء ، لم يجدوا بين الأحياء فسحة من السكن ، فعاشوا في ضيافة الموتى ، فصاروا أشبه حالاً بهم ، و رغم تعاسة حياتهم ، إلا أنها لم تسلم من المخاطر ، سواء من البلطجية أو من المشردين ، ذلك هو حال سكان المقابر .

و بتتبع الظاهرة ، نجد أن طبقة سكان المقابر ظهرت تبعا لظهور العشوائيات ، و بعد أن توسّعت الهوة بين الطبقة الثرية و بين غيرها من الطبقات ، مع انعدام التكافل الاجتماعي .

تعاني هذه الطبقة من التهميش الحكومي و الاجتماعي ، حيث يعدون بين غيرهم مواطنين درجة ثانية ، ولا يتمّ الاهتمام بقضاياهم الملحّة لا من قبل الحكومة ولا الإعلام ولا الشعب غالباً ، و تنتشر بينهم الحالة الاقتصادية السيئة جداً مع الجوع و البطالة و التشرد و الجهل و المرض و عدم تواجد فرص للإفلات و إنقاذ ما تبقي من حياتهم .

و أكثر ما يعاني منه سكان المقابر هو حالات الخطف و السرقة العشوائية و الاغتصاب ، التي يمكن أن تطال أيّ واحد منهم ، لوجودهم في العراء بشكل مستمر ، حيث تعد بيئتهم خصبة لإنتاج المشاكل و الجرائم ، و كل ما يهدد الأمن المجتمعي .

إن تجاهل التعامل مع مطالب سكان المقابر و تهميشهم ، سيمثل قنبلة موقوتة تنفجر في المجتمع ، فالأغنياء يعاملون الفقراء بشكل طبقي كبير ، و الفقراء باتوا تحت رحمة طمع التجار ، لذلك ستقوم الثورة و سينتقم الفقراء من الأغنياء و الحكومة التي سمحت لهم بذلك .

هناك أمثلة حيه من سكان القبور و هي “وفدية عبد الحميد “، 70 عاماً ، تسكن في المقابر في محافظة القاهرة منذ 55 عاماً ، رغم محاولاتها المستمرة للبحث عن مسكن لها ، إلا أن كل محاولاتها باءت بالفشل .

حيث قالت : ” منذ أكثر من 20 عاماً و أنا أقدم أوراقي للحكومة و لكن لم تتجاوب الحكومة مع مطلبي” ،” أنا عجوز و يائسة من الحياة ، و لكني أحلم بالحصول على شقة أعيش فيها و لو لشهر ثم أموت ، كي أجرب حياة الناس العاديين الذين لديهم حمام و منزل ” ، مختتمة حديثها باكية : ” ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء” .

و تسود على ألسنة سكان المقابر جملة توضح مدى الخطر الذي يحدق بهم ، وهي: ” الأموات في باطن الأرض لا يؤذون أحداً و نشعر معهم بالأمان ، لكن الخوف كله من الأحياء فوق الأرض”.

هناك إحصائيات مفزعة عن سكان المقابر ؛ حيث أن آخر إحصائية رسمية عن عدد سكان المقابر في مصر ، صدرت في نوفمبر 2017 ، من الجهاز المركزي للتعبئة و الإحصاء ، و الذي كشف عن أن 5 ملايين مواطن يعيشون في المقابر داخل 25 محافظة .

و يذكر أن ساكني العشوائيات في مصر قد وصلوا إلى 28 مليون ساكن ، حسب نفس الإحصائية ، بينهم 10 ملايين في القاهرة ، و تعد هذه الطبقة هي المغذية الرئيسية لطبقة ساكني القبور ما لم يتم الاهتمام بهم و توفير الحياة الكريمة لهم .

و من المتوقع أن تتزايد أعداد سكان المقابر بعد تصريحات البنك الدولي أن ” نحو 60% من سكان مصر إما فقراء أو أكثر احتياجا ” ، و بعد رفع الدعم وارتفاع الأسعار سوف يتزايد عدد *ساكني القبور* .

شاهد أيضاً

مواعيد حجز تذاكر قطارات عيد الفطر المبارك

كتبت: مي وليد تواصل هيئة السكة الحديد فتح باب حجز تذاكر السفر بمناسبة قرب عيد …