بقلم: ماجد أشرف.
في كل شارع، في كل زحمة، وفي الممر الضيق اللي الناس بتتزاحم فيه وهي رايحة لشغلها الصبح، بنقابل وجوه كتير، وبنعدي جنب ناس أكتر، لكن الحقيقة إن معظمهم بيعدّوا زينأ، من غير ما حد يشوفهم فعلاً.
يمكن تكون شايف الراجل اللي بيفتح الكشك بتاعه قبل الفجر بدقايق، بس عمرك سألت نفسك هو صاحي من إمتى؟
يمكن بتشوف الأم اللي ماسكة إيد طفلها وهو نايم وهو رايح المدرسة… بس عمرك فكرت هي سابت تعبها وقلة نومها فين؟
يمكن تشوف السواق اللي عينه حمرا… وتفتكر إنه مجرد سواق، لكن هو في الحقيقة أب بيحارب علشان بيته ما يتهزش ويوقع.
هؤلاء أبطال.
الناس اللي حياتهم ماشية في هدوء، في ظل وسكينة، لكن عمق الحكاية عندهم أعمق من أي ضجيج، ووجع، وآلم.
لكن اللي أصعب يا عزيزي القازئ، إننا مش بس بنعدّي من جنب الحكايات دي،
إحنا كمان بننسى إن البلد دي مش واقفة على كبار المسؤولين، ولا على المشاهير.
البلد دي واقفة على أكتاف ناس مش شايفين نفسهم.
ناس بيصحّوا قبل الشمس، وبرجعوا بعد ما الدنيا تنام…
ناس مش بتتصور، مش بيتكتب عنهم، ولا بياخدوا سوكسية يعني تصفيق…
وبرغم كده، هما اللي شايلين الميكروباص، والمستشفى، والشارع، والبيت، والمدرسة، والخبز، والمياه، والكهرباء، والأكل…
هما اللي شايلين الحياة كلها.
وبين كل ده…
تلاقي “الفرحة” بقت مستغبية.
وشوش الناس بقت مرسومة عليها خطوط همّ وآلم مش خطوط ضحك، ومستقبل…
والسعادة بقت حاجة بنشوفها في صور زمان، مش في عيون دلوقتي في الجيل الغريب
بس الغريب…
إن الفرحة لسه موجودة، بس مستخبية… مستخبية في حاجة بسيطة جداً:
في ابتسامة أم وهي بتسلم ابنها المدرسة.
في قهوة سخنة عامل يشربها بعد نص يوم شغل.
في كلمة شكراً، في سلام ياأبو الصحاب، في دعوة حلوة أو طيبة من واحدة كبيرة ماشية بالعافية.
في لحظة صغيرة… بس حقيقية.
إحنا محتاجين نسمع الناس اللي بنعدّي جنبهم.
نركز في الوجوه اللي كل يوم بتعدّي في صمت.
نفتكر إنهم مش ديكور الشارع… دول صُنّاعه.
وفي النهاية…
المقال ده مش عن شارع، ولا عن مهنة، ولا عن يوم صعب…
ده عن بلد كاملة ماشية على أرجل ناس محدش واخد باله منهم.
ولو بس…
وقفنا دقيقة،
وبصّينا حواليّنا،
هنفهم إن الحكاية أكبر من شغل وزحمة وضغوط…
الحكاية عن قلوب عايشة في صمت… وأبطال ماشيين جنبنا وإحنا مش شايفينهم.
أخبار الجمهور نبض الشعب وقلب الحقيقة