الرئيسية / غير مصنف / د. أحمد الجيوشي يكتب: التحول التعليمي!

د. أحمد الجيوشي يكتب: التحول التعليمي!

الشعار واضح و الهدف أوضح .. التحول بالتعليم من الحفظ و التلقين الي الفهم و التفكير .. من دور المدرس كونه المسئول الاول عن حشو عقول الطلاب بالمعلومات الي دور الطالب كونه المسئول الاول عن تحصيل معارفه و اكتساب مهاراته .. أي أن يتحول المدرس الي ميسر و موجه و متابع و مقوم وأن يتحول التلميذ الي فاعل متفاعل مع العملية التعليمية و ليس مجرد مفعول به.

كل ذلك جميل و مفهوم و مقدر .. لكن السؤال كان دائما .. كيف نفعل ذلك و كيف فعله أو يفعله غيرنا؟؟ .. الاجابة ليست صعبة من مفهومها التربوي و التعليمي .. فالتحول التعليمي ليس بدعة ابتدعتها مصر و انما سبقتنا فيه دول كثيرة شرقا و غربا كل حسب ما خططته لنفسها وفق ظروف نمائها .. لكن القاسم المشترك الاعظم في كل التجارب التي سبقتنا كان و لا يزال و سوف يظل هو توفير الادوات و الاليات و المناخ و الارادة لهذا التحول .. نعم .. لا يكفي أبدا و لا يجوز حتي الحديث عن أي تحول تعليمي دون توفير أدوات و آليات و قناعات و ارادات و امكانيات التحول .. قد نستطيع تحقيق التحول التعليمي علي نطاقات محدودة تتوفر لها متطلبات التحول .. لكن التحول التعليمي علي مستوي النظام التعليمي في دولة بحجم مصر يحتاج اعدادا و استعدادا لأشياء كثيرة و جوهرية لكي نضمن تحقيق نجاحا مقبولا للتحول.

التحول التعليمي الشامل من الحفظ و التلقين واداء الامتحانات الي الفهم و التفكير و التطبيق الفعلي يحتاج تحولا في صياغة المناهج الدراسية لتعكس فكرة التحول ذاتها اهدافا و محتوي و طرق تدريس ونظم تقويم .. ويحتاج مدرسا يعرف ومدرب و مؤهل معنويا و ماديا و اجتماعيا و اقتصاديا لما هو مطلوب منه لاحداث التحول .. و قبل كل ذلك وبعده يحتاج لمؤسسة تربوية تعرف دورها و لديها من المقدرات و الامكانيات و السياسات والاتاحة و العدالة و تكافؤ الفرص ما يمكنها من احداث التحول التعليمي .. ليس للطلاب فقط و انما للمنظومة كلها .. ولو لم يتوفر المناخ العام الداعم للتحول بما يشمل الاسر و اولياء الامور و الدولة بمؤسساتها الرسمية و المجتمع ككل يصعب جدا تحقيق التحول المنشود.

أما أن نطلق شعارا كبيرا واهدافا عظيمة لمشروع التحول التعليمي تحت عنوان “النظام التعليمي 2.0” دون العمل الجيد لتوفير سياساته وادواته و الياته و مناخه العام .. والاعتقاد ان مجرد تغيير المناهج او توفير تابلت لكل طالب او التحول بالتقويم و الامتحانات الي نظام اختيار فقاعة من اربع فقاعات وفق الاختيار من متعدد هو “تحول تعليمي” .. أقول ان كل ذلك كان اعتقادا تنقصه مقومات كثيره لنجاحه .. وقد اثبتت التجربة ان الدول بحجم مصر لا يمكن ولا يجب ابدا أن توضع فيها سياسات التعليم وفق تلك الرؤي الضيقة المتسرعة التي لا تأخذ السياق المصري في الحسبان.

قضية التعليم و تطويره هي قضية تختلف عن كل القضايا .. لانها قضية لها سمات و خصائص تختلف عن كل ما عداها .. نحن نعلم اليوم لنكتشف ان كنا علي صواب او خطأ بعد عقد او عقدين من الزمن .. لذلك فالتريث و التفكير و الاعداد و الاستعداد قبل تطبيق سياسات التعليم الجديدة هو فرض عين لكي لا نفاجأ بعد فوات الاوان أننا كنا علي خطأ .. ساعتها قد لا يكون الاصلاح ممكنا!!.

د. أحمد الجيوشي
١٠-٢-٢٠٢٣

شاهد أيضاً

ارتفاع بدرجات الحرارة يبدأ الثلاثاء

كتبت: مي وليد أشارت هيئة الأرصاد الجوية، إلى أنه من المتوقع أن تصل درجات الحرارة …