الرئيسية / أخبار وخدمات / جحيم في الهند ! .. نظرة على وضع كارثي يجتاح بلاد تاج محل .. مع رسالة تنطلق من هناك للعالم أجمع .

جحيم في الهند ! .. نظرة على وضع كارثي يجتاح بلاد تاج محل .. مع رسالة تنطلق من هناك للعالم أجمع .

كتبت / نورا محمد .

وبين ليلة وضُحاها تبدل الحال إلى نقيضه ! .. 

حجر منزلي .. أم أنه حجر عن الحياة ؟! ..

أضحى العالم يُعاني من ضيف عنيد يأبى أن يترك أرضه بسلام , يُحاربه بكل ما يملك من طاقة وكأنه قد نزل في مهمة رسمية كُلف بها لهذا العالم دون غيره , ولكن تبعات الموقف قاسية ! , قد تسلب منك إطمئنانك لدهور ! , فلم يقتصر الوضع على بلادنا العربية وحسب , بل أصبح العالم كله في مواجهته في أوج حرارة النهار وفي نسمات الليل الباردة , مواجهة من أجل طرد هذا العدو الذي لا يُرى بالعين المجردة خارج أراضينا وتطهيرها من آثاره المُهلكة , واليوم , أصبحت الهند هي أول فريسة له ولكن بشكل أكثر فتكاً ورعباً , وفي إشارة بأن القادم سوف يكون الأصعب على بلاد تاج محل .. فكيف بدأت القصة وهل هناك نهاية لها ؟! ..

 

– ” فيلم هندي ” بطله فيروس كورونا .. ولكن النهاية مؤسفة ! .. 

 

المتحور الهندي .. جمعت هذه النسخة من تحور الفيروس الذي داهم العالم بأسره من طفرتين مختلفين , وهي متحورة مزدوجة , لأنها تضم طفرتين على مستوى البروتين السطحي وهما E484Q و L452R , فتكون سهلة الفرار من قبضة الجهاز المناعي للإنسان مما يمنحها القدرة في الإنتقال بسلاسة من شخص لآخر ويُمكنها من الإنتشار السريع , أي إنسان يمكنه أن يقع فريسة لأنيابها ! , إن كان قد تلقى اللقاح بالفعل أو تم شفاءه من هذا الفيروس من قبل , فقد تمت الإشارة بأن اللقاحات الموجودة حالياً ربما لا تظهر فعالية كبيرة تجاهها .. إذاً , الجميع في حضرته سواسيه , لا فرق بين كبير أو صغير , والأيام الماضية التي شهدتها الهند هي خير دليل على صدق هذا الحديث ! ..

 

ولكنها لم تكن المتحورة الأولى من نوعها حتى الآن , فقد داهم العالم من قبل أكثر من متحور للفيروس , في الولايات المتحدة الأمريكية و جنوب إفريقيا والبرازيل , إلا أن منظمة الصحة العالمية قد صنفت هذا المتحور الهندي بأنه ” مثير للإهتمام ” ..

 

 

وبعد الإحصائيات التي تم تسجيلها في الولايات المتحدة الأمريكية في حجم الإصابات والوفيات على مدار هذه الفترة الوبائية , تأتي الهند في المركز الثاني بحصيلة تتجاوز الــ 18 مليون إصابة وما يُقارب الــ 200 ألف حالة وفاة منذ بدء الجائحة حتى الآن , وقد زاد الوضع سوءاً في الفترة الأخيرة , حيث تم تسجيل 352 ألف حالة إصابة وأكثر من 3000 حالة وفاة في يوم واحد فقط ! , وهو رقم غير مسبوق ويُعطي إنطباعاً كارثياً حيث أن الهند تحتل المرتبة الثانية في تعداد السكان بعد الصين , وبهذا أصبحت ثاني أكبر بلد في حجم الإصابات عالمياً بعد الولايات المتحدة الأمريكية , كما أنه يتم تسجيل ما يُقارب الـ 15 ألف حالة إصابة جديدة كل ساعة و حالة وفاة كل 4 دقائق وهو ما يُنذر بكارثة حقيقية في بلادهم .. 

الخسائر هائلة وغير مُطمئنة , فهذه الأرقام هي الأرقام الرسمية فقط وما خفي كان أعظم ! ,.. 

 

وكما أعتدنا أن نقول : ” زاد الطين بله ” , فهناك عدة مشاهد وقعت مؤخراً و كانت في مقدمة الأسباب التي أدت إلى هذا الوضع المأساوي ! .. ولكن قبل أن نتطرق إلى أحد أهم العوامل التي أدت إلى هذا المشهد المفزع دعونا نتعرف سوياً على ملامح ظهور هذه السلالة الهندية ..

– متى وكيف بدأت ؟ ..

 

يعود أول ظهور لهذه السلالة الهندية في الخامس من أكتوبر لعام 2020 , وذلك في محافظة ” مهاراشترا ” الهندية , حيث أن هذه المحافظة تُمثل نسبة كبيرة من إجمالي الحالات النشطة في الهند بنسبة 60 % .. تعمل هذه السلالة على مقاومة شرسة وعنيفة للأجسام المضادة مما يُمكنها من الفوز بمعركتها مع الجهاز المناعي للإنسان , ولها خاصية سريعة الإنتشار بين البشر , لم تقتصر على سكان الهندي وفقط ولكنها تمكنت من تخطي حدود العالم بأكمله وأصابت ما يُقارب الــ 20 دولة عالمياً حتى الآن , ومن هذه البلاد / بلجيكا , سويسرا , اليونان وإيطاليا , ومؤخراً تم رصد أول حالة إصابة بها في فرنسا , حيث أعلنت الهيئة الصحية بمقاطعة ” نوفيل أكيتين ” في فرنسا يوم الخميس الماضي عن رصد أول إصابة بالمتحور الهندي لفيروس كورونا لدى مريض ” عائد من الهند ” , وذلك في منطقة ” لو-اي-غارون ” ..

 

وطبقاً لتصريحات الدكتور / سامر الخشان وهو إستشاري الأمراض المعدية فقد أكد أن ما يحدث في الهند اليوم هو أمر متوقع حيث أن طريقة الفيروس هو التكاثر والتحور , وعلى الصعيد العلمي فإن ما يهمنا عند الحديث عن المتحورات ثلاث نقاط أساسية وهم / 

 

1- أن التحور الجديد يكون أكثر إنتشاراً 

2- أن يكون أشد فتكاً من حيث معدلات الإصابات والوفيات

3- استجابته للأجسام المضادة واللقاح

 

– ولكن السؤال المطروح الآن هو وإن كان هذا التحور موجوداً من قبل فلِمَ أصبحت الأوضاع هناك بهذا الشكل العنيف في الفترة الأخيرة على وجة خاص ؟! .. ومن هنا ننتقل إلى النقطة الثانية وهي الأسباب التي أدت بشكل كبير إلى تفاقم معدلات الإصابة والوفيات ..

 

أساس التحور هو التكاثر في جسم الإنسان , فكلما زاد معدل تكاثر الفيروس في جسم الإنسان كلما أدى إلى نتائج غير مرغوب بها وزاد إنتشاره , 

حيث أن هناك خبراء قد عزوا هذا الإرتفاع المفزع للإصابات والوفيات مؤخراً إلى عدة وقائع وأسباب ومن أهمها /

 

1- الإنتخابات التي اُقيمت في بعض الأقاليم الهندية والتي شارك خلالها أعداد ضخمة ودون الإلتزام بالإجراءات الإحترازية من إرتداء الكمامة أو التباعد الإجتماعي , وقد لعبت تلك الإنتخابات دوراً كبيراً في نشر المرض , فقد كانت هذه التجمعات مليونية وقد ألقى فيها رئيس الوزراء الهندي / ناريندرا مودي خطاباً وذلك دون الإلتفات إلى خطورة ما يقع فيه العالم من فيروس قد أغرق شعوبه في الخوف والتأهب ..

 

2- إقامة بعض الطقوس الدينية ” الهندوسية ” وتحديداً في نهر الغانغ أو ” النهر المقدس ” وذلك بالغطس فيه , حيث هجمت الحشود على مياهه وتكدست فيه أيضاً دون مُراعاة الإرشادات الوقائية من الفيروس أو التباعد الإجتماعي .. هذه الإجراءات التي بدورها تعمل على الخفض من فرص الإنتشار والتحور ولكن .. لا حياة لمن تنادي ! .

 

 والكثير من الأسباب الأخرى التي تساعد في تضخم كارثي للوضع وخاصةً وأن الهند تحتوي على 14 مدينة والتي تُعد مُصنفة من المدن الأكثر تلوثاً حول العالم , وهو ما يدعم إنتشار الفيروس في جميع أرجاء البلاد ..

 

– مطالبات وإستغاثات من الهند للعالم .. فهل يصل صوتها قبل فوات الآوان ؟! ..

 

بدأت الهند في رفع مطالبها وإحتياجاتها لجميع دول العالم , حيث تمثلت الشكوى الأولى في نقص أسطوانات الأكسجين في مستشفيات البلد بأكملها , وأي تهاون في توفير هذه الأسطوانات سوف يؤدي إلى خطورة أكبر , وعليه فقد تمت إستجابة أكثر من دولة لهذه الإستغاثة وقد بدأت السعودية بإسعاف الهند بــ 80 مليون طن من الأكسجين السائل , وسيتم نقل هذه الكمية بالتعاون مع مجموعة ” آدني” الهندية للنقل واللوجستيك وخدمات الطاقة , وشركة ” لايند” الرائدة في مجال الغاز ‏الصناعي , وقد وجهت السفارة الهندية خالص شكرها وتقديرها لهذه المساندة الطيبة وذلك عبر تغريدة على ” تويتر ” /

وكذلك بدأت الهند في نقل ” صهاريج ” تحتوي على الأكسجين وذلك جواً من ” سنغافورة ” , نتيجة للإحتياج المتزايد عليه لإنقاذ ما تبقى إنقاذه من المواطنين .. 

 

كذلك نشرت الحكومة طائرات عسكرية وقطارات وذلك لنقل الأسطوانات من أقصى البلاد إلى مدينة ” دلهي ” , وقد أعلنت مستشفى ” باترا ” استغاثة تقول إن لديها من الزمن 90 دقيقة فقط من الأكسجين المتبقي لمُرضاه 260 مريضاً ! , وعليه فقد تحركت شاحنة أكسجين إلى المستشفى لتلبية النداء في أقل وقت ممكن ! .. ومع أصوات أخرى ارتفعت من الحكومة مطالبة بالإسراع من أجل إنقاذ الشعب وجاء ذلك على لسان رئيس وزراء دلهي ” أرفيند كيجريوال ” حيث ناشد رئيس الوزراء ” ناريندرا مودي ” في مؤتمر الجمعة صارخاً :

 

” الرجاء مساعدتنا في الحصول على الأكسجين , ستكون هناك مأساة هنا ! “.

 

حتى أن هذا الفقر الشديد في أسطوانات الأكسجين قد اضطر إحدى المواطنات التي تم إصابتها بهذا المتحور باللجوء إلى ” السوق السوداء ” من أجل الحصول على هذا الكنز المُنقذ من أزمة الهند العنيفة , وجاء هذا بعد أن فشلت في العثور عليه في المتاجر , حيث أنها دفعت مبلغاً ضخماً قدره 50 ألف روبية أي ما يُعادل ( 670 دولاراً ) وذلك لشراء أسطوانة من ” السوق السوداء ” ، والتي يبلغ سعرها في الأوقات العادية 6000 روبية فقط ! .. فقد أصبحت المعركة في سبيل إلتقاط بعض الأنفاس ولو لثوانِ قليلة وليس فقط للإنتصار على هذا الفيروس الفتاك ..

 

ولم تقتصر أصوات الإستغاثة في الحصول على الأكسجين فقط , بل أن ” الحطب ” لم يعد كافياً ! , وهو المستخدم في ” حرق الجثث ” التي راحت ضحية هذه الأزمة العالمية , اكتظت الشوارع بالموتى وبمن هم أحياء ولكن ينتظرون الموت ! , حت إستحدثت بعض الولايات ” المحارق الجماعية ” , في صدمة كبيرة اعترت الشعب جراء ما يحل بهم من حالة قذفت الرعب في قلوبهم أو قذفتهم هم في قبضة الفزع بلا رحمة ! ..

 

أصبحت الهند الآن في وتيرة متسارعة من الإنتشار وأمل كبير في النجاة ..

 ةةةوو

– اللقاح الهندي .. بين صدق فاعليته أمام المتحور الجديد ونقصه من البلاد ! ..

على الرغم من أن الهند هي من أوائل البلاد التي بدأت خطوات كبيرة في توفير اللقاح الخاص بها , والغريب أن بها لقاحات محلية أيضاً وليست عالمية وحسب ! , إلا أن الكثير من المدن داخل حدودها تفتقر لهذا اللقاح , وأن نسبة قليلة جداً من الشعب قد تلقاه وليست نسبة كبيرة تساعد في مواجهة هذه الأوضاع , عوضاً عن إنخفاض مستوى فعالية ما يتوفر من لقاحات وأيضاً إنخفاض مستوى الوعي لدى الأفراد , فقد تغافل الكثير من شعبها عن إتباع الإجراءات الإحترازية حيث أن نصف سكان الهند يعيشون بالقرى التي يغيب عنها الإرشادات الصحية والفحوصات الطبية , إضافة إلى عدم أخذ اللقاح وهذا أدى إلى تفاقم مستوى الخطر حتى أصبحت الصورة كما نرى الآن ! , سوداء قاتمة ! , وبرغم ما تقع به الهند من هلاك مُحتم إلا أن رئيس الوزراء لا ينوي الإغلاق التام للبلاد , وأن الإغلاق التام سوف يكون هو الخيار الأخير , ولكن الإغلاق الجزئي هو السيناريو الأكثر تنفيذاً حتى الآن في بعض المدن الصغيرة ..

– ” اتعلمنا إيه من الدرس ؟ ” .. هو السؤال الأخير الذي لن يغيب عن أذهاننا في خِضم هذه الأزمة العالمية التي نرى تباعتها بوضوح في بلاد الهند .. فما هو الدرس المُستفاد لنا ولبلادنا العربية من هذا ؟ ..

أشار أحد المتخصصين في مجال الأوبئة والعدوى أن الحل الأمثل للخروج من هذه الفترة العصيبة يتمثل في 3 نقاط , وهم /
1- أخذ اللقاح
2- التباعد الإجتماعي
3- إرتداء الكمامة

هي الخلطة السحرية من أجل النجاة من أنياب هذا الفيروس الذي قد أثار غضب العالم أجمع , وعلى غرار ذلك إتخذ خطوات أكثر خطورة نحو العالم في إشارة منه على ضراوته وفتكه مهما كلفه الأمر .. فما حدث في الهند هو جرس إنذار لكل أرجاء العالم , فنحن أمام بلد يصل عدد سكانها إلى مليار و350 مليون , والآن أصبحت أمام مفترق طرق , إما النجاة وإما الدمار ! , وبعد أن أغلقت حدودها في ذورة الموجة الأولى في عام 2020 , أعادت نشاطها الملاحي والنقل مع بعض الدول ووفقاً للإجراءات الإحترازية , ولكن .. لم تنجح تلك الخطة ووقعت في فخ الفيروس ! , وإنتقل عبر حدودها إلى أكثر من دولة عالمياً من بينها / بريطانيا وبلجيكا , وعاد تعليق الرحلات من بعض البلاد مثل / الكويت وكندا وغيرها , فعادت إلى نقطة الصفر وبخطر أشد ! ..

فنحن الآن أمام رسالة هامة من هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها الهند , حيث تتصدر الهند الآن دول العالم من حيث عدد الإصابات، , إذ سجلت أكثر من مليوني إصابة الشهر الماضي , بينما قال الصليب الأحمر الدولي إن سرعة تفشي الفيروس في جنوب آسيا “مخيفة بحق ! “, ووصفتها محكمة ” دلهي ” بأنها ” تسونامي وبائي ” ! ..

 

رسالة الهند للعالم عنوانها الإلتزام , حتى لا نقع في حفرة أبدية من الهلاك .. وبه يمكننا أن نعبر الأزمة بسلام دون أن تُعاد الأزمة في بلاد أخرى من جديد ..

شاهد أيضاً

مواعيد حجز تذاكر قطارات عيد الفطر المبارك

كتبت: مي وليد تواصل هيئة السكة الحديد فتح باب حجز تذاكر السفر بمناسبة قرب عيد …