بقلم: كارول أمجد
بعد سنين من الحب، لا يأتي الفراق فجأة كما نظن، بل يتسلل ببطء… كلمة لم تُقَل، اهتمام بدأ يخفت، نظرة لم تعد كما كانت. نكتشف متأخرين أن المسافة التي نشأت بين قلبين لم تكن خطوة واحدة، بل كانت آلاف الخطوات الصغيرة التي تجاهلناها.
سألت نفسي كثيرًا: كيف يتحول شخص كنت أراه عالمي كله إلى مجرد ذكرى؟ كيف تصبح الضحكة ثقيلة، والكلام مجاملة، والوجود عبئًا؟ كنت أظن أن الحب الحقيقي لا يشيخ، لكنه يفعل… يضعف، يتعب، ويحتاج جهدًا كي يظل حيًا.
كنا نعرف كل شيء عن بعضنا؛ أكثر مما نعرف عن أنفسنا أحيانًا. نحفظ تفاصيل الصوت في التعب، وطريقة الصمت عند الحزن، ونفهم النظرة قبل أن تتحول إلى كلام. ومع ذلك، افترقنا. ليس لأننا لم نحب، بل لأننا لم نعد نعرف كيف نحافظ على ما بقي من هذا الحب.
الفراق بعد سنين حب لا يشبه أي فراق آخر. هو ليس ألم غياب فقط، بل وجع خسارة تاريخ كامل… ضحكات، ووعود، وخطط للمستقبل لم يولد منها سوى الخيبة. هو أن تعود وحدك لأماكن اعتدتما أن تكونا فيها معًا، فتشعر أن الجدران أصدق منك في الحنين.
أصعب ما في الأمر ليس الرحيل، بل ما بعده. حين تبحث عنه في كل شيء دون وعي: في الأغاني، في الأماكن ،، في الدعاء، حتى في لحظات الفرح التي لا تكتمل. وتكتشف أن القلب يحتاج وقتًا طويلًا ليتعلم كيف يكون وحده من جديد.
لكن الحقيقة التي لا نحب الاعتراف بها هي: أن بعض النهايات رحمة. وأن بعض الفراق إنقاذ. ليس كل من أحببناه كُتب له أن يبقى، وليس كل من رحل كان خسارة. أحيانًا نرحل لننجو… وأحيانًا يُبعِدنا الله لأننا استحقينا بداية أنقى.
اليوم، لم أعد أبكي كما كنت. لم أعد أنتظر رسالة، ولا أرتب ألف عذر لغيابه. تعلمت أن أحب نفسي كما كنت أحبه، وأن أضع قلبي في المكان الذي يُقدَّر فيه، لا حيث يُهمَل.
الفراق موجع، نعم… لكنه لا يقتل. هو يكسرنا قليلًا، ثم يعيد تشكيلنا أقوى، أكثر وعيًا، وأعمق إحساسًا بأنفسنا. وبعد سنين حب، قد نرحل متألمين، لكننا نخرج أكثر فهمًا لمعنى أن نختار من يستحق البقاء
أخبار الجمهور نبض الشعب وقلب الحقيقة