الرئيسية / غير مصنف / الدكتور احمد الجيوشي يكتب :لماذا لم يعش لنا تعليما فنيا خلال الستين عاما الماضية؟؟

الدكتور احمد الجيوشي يكتب :لماذا لم يعش لنا تعليما فنيا خلال الستين عاما الماضية؟؟

لماذا لم يعش لنا تعليما فنيا خلال الستين عاما الماضية؟؟

تعددت مشروعات تطوير التعليم الفني و المهني و التكنولوجي خلال ٦٠ عاما مضت (ربما مع مولد محدثكم) بمعدل مشروع كل ١٠ سنوات تقريبا. وهذا امر محمود و طبيعي اذا ما كان المشروع الجديد يبني علي ما سبقه .. ويستفيد من ايجابياته و يعالج سلبياته .. لكن الحالة المصرية لم تكن كذلك مع الاسف الشديد .. فكل مشروع جديد يولد علي يد مجموعة جديدة من البشر سواء مسئولين او تنفيذيين او “خبراء” .. و لانهم “مجموعة جديدة” فيكون لزاما عليهم حسب “العرف المصري” هدم مشروع من قبلهم او علي الاقل تركه يلقي مصيره المحتوم دون ان نتعلم منه او نجني منه شيئا.

بدأ الامر في ستينيات القرن الماضي بالتعاون مع المانيا لانشاء المعاهد العالية الصناعية لتخريج المهندس التكنولوجي الي جانب كليات الهندسة .. لكن بعد عشر سنوات وئد المشروع لتتحول المعاهد العالية الصناعية الي كليات الهندسة و التكنولوجيا وتركت فكرة المعاهد العالية لتموت لوحدها .. بعد ١٠ سنوات اخري ازيلت فكرة التكنولوجيا ذاتها و تحولت كلياتها الي كليات صريحة للهندسة .. بعد عشر سنوات اخري ظهر مشروع جديد قديم لانشاء المعاهد العالية للتكنولوجيا لتخريج المهندس التكنولوجي مجددا وفتح منها اثنان في بنها و اسوان .. لكن بعد ١٠ سنوات اخري تم وئد فكرة المعاهد العالية التكنولوجية و تحولت بدورها لكليات هندسة مباشرة هذه المرة .. و هكذا.

في التعليم الفني .. لم يختلف الامر كثيرا مشروعات تولد يتحدث اصحابها عنها كانها اختراعهم الشخصي .. لكن سرعان (كل ١٠ سنوات) ما ينصرف الناس لمشروع جديد غيره ليتركوا السابق ليموت من تلقاء نفسه .. اول تلك المشروعات الذي اخذ صيتا كبيرا في حينه كان مشروع مبارك-كول و هو التعليم الفني المزدوج الالماني و كان نقلة كبيرة للتعليم الفني حقيقة لانه انتقل بالتعليم الفني من المدرسة الي المصنع .. وواكبه في ذات الوقت انشاء كليات التعليم الصناعي لتخريج مدرس تعليم صناعي متكامل ليحل محل المهندس الذي يدرس و هو غير معد تربويا ويحل محل خريج التربية و هو غير معد فنيا .. بعد عشر سنوات ظهرت مجموعة جديدة من الخبراء دشنت فكرة تحويل المعاهد الفنية فوق المتوسطة الي مسمي الكليات التكنولوجية المتوسطة علي غرار الكليات التقنية السعودية .. اما مبارك كول فقد تركه الالمان بعد عشر سنوات ليتحول من بعدها الي عنوان بلا مضمون .. ثم مضت عشر سنوات لتخرج علينا مجموعة جديدة من الخبراء بفكرة انشاء المجمعات التكنولوجية وكان شرطهم ان تقوم علي انقاض كليات التعليم الصناعي لولا صمود الاخيرة في دفاعها عن فكرتها و رسالتها .. وفي التعليم الفني ظهرت فكرة مدرسة داخل مصنع و مصنع داخل مدرسة .. و توقف الحديث عن مبارك كول و سنينه .. عشر سنوات اخري ظهرت مجموعة جديدة رأت تحويل المجمعات التكنولوجية الي جامعات تكنولوجية لتموت فكرة المجمعات للابد .. في التعليم الفني ظهرت فكرة مدارس التكنولوجيا التطبيقية لتأخذ كل الصيت و الاهتمام ويتوقف الحديث تماما عن مبارك كول و مدرسة داخل مصنع و تترك نماذجهما للموت الاكلينيكي .. بعد عشر سنوات ظهرت للنور ١٠ جامعات تكنولوجية تحمل هدفا نبيلا جديدا متجددا لتخريج هذا المهندس التقني الذي ينهض بمهمة نقل التكنولوجيا و توطينها .. و ندعو الله الا يحدث لها ما حدث لما سبقها من مشروعات .. وفي ذات الوقت نشأت فكرة التحول بالمناهج نحو فلسفة مناهج الجدارات المهنية المرجعية .. وبدوري ادعو الله ان يثبت اقدام المشروع وان يتم تصويب المثالب قبل ان يتحولوا عنه مجددا.

الخلاصة:

لا غضاضة ابدا في التطوير الدائم للتعليم لان هذا هو الطبيعي .. لكن بشرط ان نبني علي ما سبق من جهود لكي يعلو البناء .. اما هدم ما نبنيه لمجرد تغيير المقاول فلن يرتفع بالمبني مترا واحدا طالما اننا كل مرة نبدأ من الدور الارضي الذي بنيناه و هدمناه ١٠ مرات مع كل مقاول او مهندس جديد!!

بقلم: د.أحمد الجيوشي

شاهد أيضاً

سعر الدولار اليوم الاثنين 15-4-2024

كتبت: مي وليد سعر الدولار فى البنك الأهلى المصرى 48.50 جنيه للشراء. 48.60 جنيه للبيع. …