الرئيسية / الرأي والرأي الاخر / من شاشة الشهرة إلى قبضة العدالة .. هل أصبحت التكنولوجيا آفة العصر الحديث ؟! ..

من شاشة الشهرة إلى قبضة العدالة .. هل أصبحت التكنولوجيا آفة العصر الحديث ؟! ..

كتبت / نورا محمد

– ” جري الوحوش ” ..

 

بعد أن كانت مجرد جملة عابرة نلجأ إليها حينما نود أن نضرب مثلاً بها , أصبحت هي عنوان العصر الحالي , زمننا هذا الذي ننغمس به دون أن نجد الإجابة على السؤال الأكثر غموضاً :

 

– هل ما نحن به من تداعيات الزمن أم أن الزمن ضحية لما وصل إليه الإنسان ؟ ..

 

سؤال يطرح نفسه .. في سلسلة من إخفاقات التكنولوجيا في أن تكون هي لغة العصر , أصبحت هي آفة الزمن , نقلة إلى الهاوية ! , ومن هُنا استلزم الأمر المناقشة حول ذلك ..

 

في البداية نحسب أن ما نحن نعاصره ما هو إلا طبيعة الزمن التي تتطلب التغيير , بل أن التغيير هو أساسه ولا مفر من مواكبة أنماطه التي تتبدل بين اللحظة والأخرى , ولكنها تغيرت بشكل يزداد توحشاً أكثر فأكثر , مع تعاقب اللحظات , وحتى أننا حسبنا بأننا الفريسة له ! , ولكننا سرعان ما نجد أننا قد أخطأنا الظن وأن زمننا هو الفريسة الحقيقية لما يجده منا نحن بنو البشر , فالإنسان هو مصدر الخير والشر , البناء والتخريب و الحب والكره , هو مصدر التناقضات إن أردنا صدق التعبير ..

 

– فكيف لنا أن نلقي اللوم على زمننا الذي لم يفعل شئ سوى أنه وقف أمام أفعالنا مصدوماً ؟ .. فقط ! .

 

منذ بداية الحياة والإنسان يسعى ويهرول نحو القمة , يطمح أن يكون الأول في كل شيء , وحتى إن كان الأول في الشر لا يهمه الأمر بقدر أنه يهمه أن يحظى بالمرتبة الأولى وإن كانت على حساب إنسانيته , يكفيه من كل هذه الرحلة أن يقتنص منها الجائزة الكبرى وهي نظرات العلو في أعين الخلق , يراهم يفتقدون القوة لكي يصلوا إلى ما وصل إليه من جاه أو سلطان أو شهرة , هو يتلذذ بنظراتهم هذه وكأنه ينتظرها أكثر مما ينتظر المقابل من منصبه هذا , يتغير بهذه النظرات ويتبدل من المغمور ولكن بإنسانيته إلى المشهور ولكن بفقر نفسه ! ..

 

تراه متوهجاً تشع منه أنوار الفخامة والـ” شياكة ” والـ ” وجاهة ” , ولكنه في الخلقُ عدم , ثيابه التي تكفي وأن تفيض على البشرية بكنوز اللؤلؤ والمرجان هي في الحقيقة بالية رثة ! , وإن كانت في نظره ثياب الملوك والأمراء , حسب أنه كذلك وكانت حساباته خاطئة وكانت هي المرة الأولى والأخيرة في تاريخه التي يُخطئ , فهو الخطأ الذي لن يقوى على محوه أو الاعتذار عنه وإن أعاد كتابة تاريخه من جديد ! ..

 

الآن .. عصور الجاهلية تعود في القرن الــ 21 ! .. 

وبعد عصور ” الجاهلية ” المنقضية عدنا إلى عصور جاهلية أخرى ومن نوع خاص ، وكأننا استقلينا آلة الزمن في رحلة لن نعود منها كما كنا , بل هي رحلة لا عودة منها من الأساس , الجاهلية التي حسبنا أنها سُميت بهذا الاسم نظراً لخلو عصرها من وسائل التقدم والمعرفة والتكنولوجيا , ولكن الجاهلية هو الاسم المُعبر عما نعيشه الآن وبحق , وهي الصدمة الكبرى ! ..

 

– فكيف بهذا الكم الكبير من التقدم والرقي نقع في حفرة من حفر الزمن ويصبح هذا التقدم هو طعنة الغدر الأولى بنا ؟! ..

 

ومن المفترض أنه منقذنا من هلاك الحياة , تبدل إلى قاتلنا الأجير وأخذ يقتص منّا وكأننا العدو الأوحد له ..

 

أصبحت إنسانية الفرد منا على حافة الإنهيار , وبعد أن كانت كنزه الذي يفتخر بيه بين الأمم ويغدو في الأرض رافعاً رأسه بها وإن كانت هي كل ما يملك في سبيله , أصبحت أقل من أن تذكر أمام أسطول عرباته وقصوره وأمواله , فقد ميز ” الفاني ” على ” الباقي ” وأصبح بهذا التمييز ” الهالك ” , ولكن قد يتساءل البعض منكم /

 

– ما العيب في أن يسعى الإنسان ليحقق طموحه ويُصقله بالنجاح والشهرة والتميز فيما يفعله ؟

 

– ما السبب لهذه المُحاكمة غير العادلة وقد أمرنا الله بعمارة الأرض وترك البصمة والعلامة بها ؟

 

ولكن شتان بين هذا وذاك , فهل يستوي من أراد سعياً صالحاً وكانت هديته من الله أن ينال النجاح والتوفيق والرزق الواسع وبين من وصل للقمة بخداع البشر ونشر الـ ” التفاهات ” ؟ .. لك الإجابة يا صاحب السؤال ..

 

الكثير من عمليات النصب والإحتيال الآن لم تعد تنصب على سارقي البنوك أو أصحاب الأعمال المشبوهة وفقط , بل على من تمكن بعقول الجيل بكل الطرق والوسائل وسلب منه وعيه وفكره وقيمه , سواء كان هذا السلب من خلال الكلمة أو الحركة أو الفكرة التي ينشرها , أصبحت وسائل التواصل هي ” الوعاء ” الذي يصب فيه ألاعيبه المُتقنة وكأنه يقوم بعملية ” تنويم مِغناطيسي ” لكل من تقع عينه عليه وذلك في سبيل حصد أكبر مكاسبه الشيطانية , من أجل نيل شهرة باطلة وقمة حتمًا تنهدم على رأسه يوماً ما , فلا مفر من العقاب وإن غاب الدنيوي فتكفيه محكمة الآخرة , ويبقى السؤال : مَن الجاني في هذه الحالة ؟! ..

 

– هل الجاني هو من وضع خطته بدقة عالية حتى لا يُكشف ولا تزل أقدامه من على أرضه التي ثبتها على أساس الهيافة ؟

 

– هل الجاني هو من سلم عقله وكيانه لمن كان له الفخ الأكبر ؟

 

– هل الأهل هم أول المُذنبين في تسليم أولادهم لقبضة الإنحلال ؟

 

– أم أن كل الأطراف مُذنبة ؟

 

سرطان العصر الحالي وما أدراكم ما هي عواقبه إن لم ننتبه له بكل قوانا ! , فقد أصبح نيل الشهرة أسهل من شربة الماء ولكن مقابل هذا هو إنسانيتنا التي لن نحتمل أن نراها يُراق دماً لها ونحن مُقيدون أمام هذا الوحش الكاسر الذي سيطر على كيان الكثير منا ..

 

ولكن ..

 

– كيف لنا أن نعلم سبيل الحقيقة والوضع يتفاقم ؟ ..

 

– كيف تمكن منا هذا المرض اللعين دون أن نجد له الدواء لكي تتخلص عقولنا منه قبل أن يقضي علينا ؟ ..

 

” نهش الجسد = كسب الرزق ! “

في الآونة الأخيرة .. وجدنا أن كبسة زر واحدة منك قادرة على إشعال الرأي العام وتوجيهه ضدك , والدليل على ذلك هو إحتضان السجون للكثير ممن تمكنوا من استخدام ” السوشيال ميديا ” استخدماً خاطئاً , لهم وللكثير ممن تابعوهم , فأصبح الخطأ ” جريمة ” , ذنب لا يُغتفر , والسبب هو السعي وراء كسب المال وفقط , اليوم أصبح المال مجرد أداة تُحرك البشر , فإما أن يصعد بهم إلى القمة وإما إلى الهاوية , حيث لا مُنقذ ولا خلاص , اليوم أصبحت ” المادة ” وإن كانت لا ترقى بأن تكون محتوى يُقدم هي المسيطرة على الساحة , وإستهداف العقول الصغيرة هو المقصد , فكيف وصل الحال إلى هذه الدرجة المتدنية من ” التفاهه ” ؟! ..

 

اليوم , أصبح معنى ” الإتجار بالبشر ” لا يحمل معنى واحد وفقط , بل أنه إتضح معناه الحقيقي في خِضم ما نعيشه من جرائم إلكترونية , اليوم أصبح ” جسد الإنسان ” سلعة رخيصة الثمن , تُباع وتُشترى , دون أن نلتفت للقيم والمبادئ وأصول ديننا , أصبحت مواقع التواصل الإجتماعي نافذة تطل على مستنقعات الحياة , من بشر لا تأبه سوى لإنتهاك حُرمة هذا الجسد بأي شكل كان , بأي مبلغ وإن كانت كنوز ” علي بابا ” ! ,لا شئ يعلو فوق صوت ” التعري ” ! , بل وأصبحت وظيفة لمن لا وظيفة له , مصدر رزق لمن لم يجد قوت يومه ! , والكثير من النماذج وقعت ضحية لهذا النهج الذي تشمئز له النفوس الطاهرة ..

 

– من شاشة الشهرة إلى .. خلف القضبان ! .

 

 

” الإتجار بالبشر ” كانت هي التهمة الرئيسية لفتيات أثاروا غضب الرأي العام لما قدموه من فيديوهات لا يصح بأن تُعرض على الشاشات لما بها من إيحاءات وألفاظ وأفعال حادشة للحياء وهادمة للذوق العام , فيما عُرف إعلامياً بقضية ” فتيات التيك توك ” , حيث قُضي عليهم بأن يستكملوا مسيرة الشهرة خلف القضبان ! , وقُضي على ذويهم بأن يجنوا ثمار هذا العمل الذي بدأه الأبناء وهم تحت تأثير الشهرة والغنى واللامبالاة ! , فكانت النتيجة .. تشريد و حسرة وضياع مستقبل قبل أن يبدأ ! ..

 

اليوم , أصبح كسب المال بسيط , لا يحتاج لمجهود وكدح وعناء , لا يحتاج أن تقضي يومك في مشقة وتعود مُنهك القوى فلا تجد أمامك خيار إلا بأن تُلقي بجسدك الذي تآكل من عذاب العمل طوال يومك , فقط من أجل كسب رزقك برأس مرفوع , اليوم أصبح كسب المال ” بفتح الكاميرات ” ! , لا تحتاج إلا ” إنترنت سريع ” و ” شكل مغري ” وألا تقول سوى ” سمعاً وطاعة يا أصحاب الأموال ” ! ..

 

وهو ما طالبت به إحداهن , وهي ” حنين حسام ” , تحت مُسمى ” الشغل ” , فقد نشرت فيديو و طالبت الفتيات بالإنضمام إلى ” وكالة ” تقوم بإدراتها ووضع بعض الشروط لهذا الإنضمام , وسرعان ما انتشر هذا الفيديو حتى أصبح هو الشغل الشاغل للمجتمع من الصغير إلى الكبير , وتعالت أصوات جميعها طالبت بالقبض عليها حتى لا تنجرف الفتيات وراءها , بما أسموه بــ ” الدعارة المُقننة ” , وهي أن تخسر مبادئك ومبادئ من علموك الشرف والعفة فقط من أجل ” الدولارات ” ! , أن تُلقي بإنسانيتك في سلة المهملات وكأنها عفن لن تجد منها سوى الرائحة الكريهة ! , والحق أن من انجرف بهذا التيار هو من لا تفخر الإنسانية بأن تُنسب له ! ..

 

تبدأ الخطة بالتحريض , ولكنه تحريض خفي , بنوايا خفية , ترتدي قناع الطيبة والخوف على مستقبل من ليس له مستقبل ! , فالحرص على تأمين مستقبل الشباب في الأزمات الإقتصادية هي القشرة التي تظهر من هذه العصابة الإلكترونية , ولكن .. ما خفي كان أعظم ! ..

 

وحينما تقع ” الطوبة في المعطوبة ” , تبدأ محاولات التبرير الفاشلة الكاذبة في الظهور , وتظهر النفوس على أصلها , فمن كان يُقسم لك بأن ما تفعله آمن ولا ضرر سيُصيبك منه , أصبح هو المُتهم الأول وأنت تنجرف معه وكأنه أسقاك سحراً حتى لا ترى الحقائق من بداية الأمر ! .. 

 

كما حدث في أول إعترافات لهن أمام النيابة , حيث أكدوا بأن الغرض هو التوظيف و توفير فرص عمل لهن تحت ستار ” المذيعات ” , وذلك خلال إنشاء صداقات مع الشباب ومنه الحصول على نفع مادي , مُبرره ذلك بأن ” الكورونا ” و ” العزل المنزلي ” لم يوفر العمل للكثير .. وقابلوا الإتهامات المنسوبة إليهم بأنها ” كذب وتلفيق ” ! ..

 

وعلى غِرار الفيديو التي قامت فيه ” حنين حسام ” – الطالبة بكلية الآثار جامعة القاهرة – بدعوة الفتيات للإنضمام لـوكالتها من أجل جني الأرباح مقابل عرض أنفسهن من المنزل وإقامة صداقات مع الشباب , كانت جامعة القاهرة قد أحالت الطالبة إلى الشئون القانونية بها وذلك للتحقيق معها , لقيامها بسلوكيات تتنافى مع الآداب العامة ..

 

وقال رئيس الجامعة الدكتور محمد عثمان الخشت أن عقوبة الطالبة قد تصل إلى الفصل النهائي ..

 

ومؤخراً .. تم القضاء على ” حنين حسام ” بالحبس 10 سنوات مع تغريمها 200 ألف جنية , وذلك بعد تأييد إخلاء سبيل حنين حسام في 27 يناير الماضي بكفالة قدرها 5 آلاف جنيه فى اتهامها بالقضية وذلك بعدما رفض استئناف النيابة , وعلى الأخرى وهي ” مودة الأدهم ” وثلاثة آخرين بالحبس 6 سنوات وتغريم كل منهم 200 ألف جنيه بتهمة ” الإتجار بالبشر ” ..

وكان رد الفعل سريع من المتهمة الأولى أمام المجتمع ” حنين حسام ” , حيث خرجت بفيديو تصرخ فيه غضباً من الحكم الصادر ضدها وأعربت عن إستياءها الشديد من حبس طالبة جامعية وإلحاقها مع ” تجار المخدرات ” و ” قتالين القُتله ” ! .. ولكن الفيديو لم يُغير شئ وبعد نشره بوقت قليل تم إلقاء القبض عليها لتنفيذ الحكم ..

 

– تضارب آراء الشارع المصري .. ” يستحقوا ” .. ” حرام مستقبلهم ضاع ! ” ..

ولكن هذه الأحكام قابلها الشارع المصري بين مؤيد ومعارض , فمنهم من استنكر الحكم على من في مثل أعمارهم بالحبس لهذه الفترة التي تستمر لسنوات وإضاعة مستقبلهم في السجون , حيث اتفقت فاطمة سراج المحامية بمؤسسة حرية الفكر والتعبير مع محامي حنين في أنه لا توجد أدلة تثبت التربح غير المشروع أو الإتجار بالبشر أو الدعارة , وتقول أن ” الحكم قاس للغاية “..

 

والبعض الآخر أيد الحكم بإعتباره ” قرصة ودن ” عادلة لمن تُسول له نفسه بهدم قيم المجتمع وأصوله ..

ولكن مواقع التواصل الإجتماعي إشتعلت غضباً على كل من يرفض قرار المحكمة , حيث أعرب رواده بأنه لابد وأن يتحمل الجميع نتيجة الخطأ الذي ارتكبه , وأن الحق لابد وأن يكون هو أساس المجتمعات , والحق أن الفترة الأخيرة شهدت صراعات كبيرة على القيم والأخلاق , وحروب على المبادئ والأصول , حيث انتشر ” العُري ” إنتشاراً واسعاً وأصبح التخوف الأكبر هو أن يسود هذا الفكر المبتذل بين شبابنا ويصبح هو منهج واسلوب الحياة , وهو الخطر الحقيقي الذي يُهدد البيوت والأسر , فيلزم وجود رادع لكل من يسلك هذا الطريق مسلوب الوعي والإدراك ! .. دون الرأفة أو الشفقة بهم ..

ومن هنا أصبح الشارع المصري يتساءل / 

– هل ينتهي هذا السيناريو الممل يوماً ؟ 

– هل من إبادة لكل عناصر عصابة نشر الفسوق ؟ 

– هل نعود كما كنا من جديد بلا حروب إلكترونية ؟ ..

أصبحت الشهرة هي المطمع , وإن كانت نتيجة وسيلة لا تمت للأخلاق بأي صله ! , أصبحت القمة هي الهدف التي يطمح إليها شبابنا دون التقيد بالأسس والقيم التي يجب أن يتحلوا بها أولاً حتى يتسنى لهم بأن يكونوا من أهلها , المؤسف أن الوضع يزداد سوءاً ! , والكثير من المنصات أصبحت تسود عالم السوشيال ميديا , وأصبحت هي البوابة لدخول هذا العالم والإبحار فيه ..

والحق أن الإبحار فيه هو الغرق المُحتم ! , ولكن قل من أدرك هذا ! ..

– تطبيقات الضياع تجتاح المجتمعات ! ..

تطبيق ” تيك توك ” , هو أحد التطبيقات إلكترونية التي ظهرت بعام 2017 , في بداية الأمر كان مجرد منصة لعرض الفيديوهات الفكاهية المضحكة , ولكن سرعان ما تبدل الحال , وأصبح ” حفرة ” يقع بها شباب اليوم ! , أصبح هو المسرح الذي يعتليه كل الأعمار , فقط من أجل الشهرة وجني الأرباح مما يقدمونه من فيديوهات تتنافى مع الأخلاق وعنوانها هو الإنحطاط ! , والغريب أنه بأقل من الـ 20 ثانية يمكنها حصد ملايين المشاهدات ! ..

 

– ولكن برأيك .. ما هو محتوى الــ 20 ثانية ؟ ..

 

– وهل يُمكن لهذا الوقت البسيط أن يصبح هو حديث الساعة ويجعل صاحبه مُقيد بين جدران السجون حتى ياكل الندم أعمارهم ؟ ..

 

20 ثانية تستقبلها بقلبك الطاهر وتنتهي منها فتنتهي معها براءتك وفطرتك السليمة ! , لقد أصبغت عليك شرور البشر في أقل من دقيقة ! , وفي مشاهد تُعرض كما لو أن عقولنا سُلبت منا وأصبحنا نقدم أي شئ وكل شئ دون القليل من الوعي بخطورة ما نُقدمه على من يستقبله ! ..

 

وعلى غِرار ذلك قد أوضح الخبراء والمتخصصين في العلاقات الأسرية بأن الجميع يسعى إلى الكسب المادى , حتى أن الوضع تتطور فوصل إلى أن الزوج أصبح يعرض زوجته أمام الكاميرا بأبشع المشاهد والألفاظ , وهو فقط من أجل الكسب وهي الأداة والضحية في آن واحد ! ..

 

-إذاً فأين ” النخوة ” ؟! , أين ” الدم الحامي ” ؟! , أين إحترام حُرمة الجسد والعرض ؟! .. وأين نحن من هذا العبث ؟! ..

 

– ” كائن الهوهوز ” .. آخر ” تقاليع ” الإنحراف الإلكتروني ! .

JJ

ومن أهم القضايا التي شغلت المجتمع في الفترة الأخيرة هي قضية ” منار .. كائن الهوهوز ” , التي نشرت فيديوهات تظهر فيها بأفعال غير لائقة وخادشة للحياء العام وتهدف من وراءها إلى الربح وجني الأموال , وقد شارك معها أحد الأشخاص الذي زعم في بداية الأمر بأنه ” زوجها ” , ولكن تبين بعد ذلك بأنه ” صديقها ” ويصغرها بـ 10 سنوات , حيث تم إلقاء القبض عليهما في إحدى الشقق المستأجرة في منطقة الهانوفيل التابعة للعجمي بمحافظة الإسكندرية , وذلك لإتهامهما بالتحريض على الفسق والإخلال بالآدب الاجتماعية وتم إحالتهما إلى النيابة العامة التي أمرت بحبس المتهمين 4 أيام على ذمة التحقيقات ..

 

وبمواجتهما اعترفا بتصوير تلك الفيديوهات وبثها على حسابها الشخصي المُعنون بـ ” كائن الهوهوز ” على موقع ” تيك توك ” بهدف التربح , وإقتسام الأرباح بينهما , ولكن المتهمة قد أنكرت التُهم المنسوبة إليها من التحريض على الفسق أو الإخلال بقيم المجتمع ..

 

” ياسمين ” والتي تبين في التحقيقات بأنها أم لطفلين ومطلقة منذ شهر تقريباً , وقد اشتهرت على مواقع التواصل الإجتماعي بـ ” كائن الهوهوز ” , وبعدما توصلت النيابة العامة في مصر إلى 3 مقاطع فيديو جديدة كشفت تفاصيل جديدة للقضية قد أمرت النيابة العامة بتجديد حبسها و ” صديقها ” 15 يوماً على ذمة التحقيقات ..

 

وهذا التحرك جاء بعدما تقدم المحامي أشرف فرحات ببلاغ إلى النائب العام المستشار حمادة الصاوي ضد فتاة ” كائن الهوهوز ” و” صديقها ” لنشرهم مقاطع فيديو مُنافية للآداب العامة , وأكد البلاغ العام أنهما لم يكتفيا بذلك بل حللا ما حرمه المولى – عز وجل – في فيديوهاتهما ونالا من أهل الصعيد في إهانة واضحة لهم ..

 

وفي تصريحات للدكتور / وليد حجاج خبير أمن المعلومات , أكد أنه يوجد بعض الفيديوهات ” الكارتونية ” على شاشة الــ YouTube لا تتناسب مع عادتنا وتقاليدنا ! , وأنه قد ظهر إتجاة واضح لهدم الشباب من سن الــ 10 سنوات إلى 15 سنه , وذلك بإعتبارهم قادة الغد , وهي سياسة ذكية تستخدمها بعض الدول لتغيير ثقافات الشعوب تدريجياً بتقديم محتوى غير مقبول وتحويله إلى شكل مقبول ! ..

 

– ثورة ضد الإبتذال ..

خدش الحياء العام ونشر الفسوق وإنحدار العقول أصبح هو عنوان عصرنا الحالي وسط ما يظهر يومياً من تقنيات ومنصات كفيلة بأن تهدم البشرية دفعة واحدة بين ليلة وضحاها ! , ولكن ما يثير الأمل بنفوسنا أن التحرك ضد هذا الوضع أصبح كبيراً وبوتيرة متسارعة , فقد تكاتفت العقول أخيراً من أجل الإنقضاض على وضع مُزري كهذا , وتلاحمت الأصوات وتعالت للقضاء على هذا النماذج التي تقبض على فرائسها كل لحظة /

 

” كفاية تفاهه وإنعدام أخلاق !!!! ” , ” هو اللي إحنا فيه ده من شوية ؟! ” ..

 

وتلبية لمطالب الشعب , لم تتهاون أجهزة الدولة في القبض على من يُدمر قيم مجتمعنا المصري وإتخاذ الإجراء المناسب ضده , وهو ما يُطمئن أنه لا هرب من قبضة القانون , وأن العرف والأصول لن تتجزأ , وستظل الدولة تتصدى لكل من تُسول له نفسه أن يسحق أجيالاً ويُدمر أخلاق الأمم ..

 

” الوعي .. بدلاً من النحيب ! ” ..

 

إِذًا فــ ” اليقظة ” هي الحل , الوعي هو الدواء لكل ما يحاول جاهداً أن يُلقي بنا إلى الهاوية ويُعيدنا إلى عصور الجاهلية التي انتهت منذ دهور، ولكننا قد عدنا إليها بكل سلاسة فقط بأننا مكنّا عدونا الأول منا , عدو الفكر والقيمة، عدو لن يهدأ له بال إلا بنهش ما تبقى من إدراكنا، يُلقي شباكه ويحكم قبضته على فريسته ثم يهرب وإن كشفنا أمره يتحجج بأنه لم يفعل شيئاً بل نحن من سلكنا دربه بصدر رحب ! ..

 

فكم ممن بنى شهرته على التخريب ! ..

 

كم ممن ذاع صيته على تدمير القيم ! ..

 

كم ممن سلك سبيل العظماء وهو لا ينتمي إليهم مهما حاول أن يفعل ! ..

 

فقط يُهرول من أجل الخراب , يجري ” جري الوحوش ” التي لا يهمها سوى الاقتناص , منافسة من أجل كسب أكبر عدد من الفرائس دون أن يمدهم بأي معروف سوى أن ينتشر داخلهم وينغمس في لحمهم ويصبح مثله كمثل دمهم وأقرب الأقربين إليهم , ثم يُلقيهم إلى سجن الهلاك سجناً مؤبداً ويتركهم دون ذرة شفقة على حالهم ..

 

ويبقى السؤال الأخير الذي نطمح بأن نجد له إجابة /

هل يمكننا أن نُنقذ ما يمكن إنقاذه من شبابنا قبل الطوفان ؟! ..