تُوفي أحمد عرابي، في القاهرة يوم 28 رمضان 1329هـ.. 21 سبتمبر 1911، مجهولا منسيا، بل أن المصريين كانوا يعايرونه بهزيمته من الإنجليز، ويظهرون له الشماتة والسخرية، ومنهم الزعيم مصطفى كامل الذي كان من أشد الكارهين لعرابي، وكان مصطفى كامل لا يذكر اسم أحمد عرابي إلا مسبوقا بكلمة الخائن!!!
– بعد أن عاد لمصر من المنفى، ظل عرابى حبيس بيته العتيق فى المنيرة مكتئبًا حزينا، لا يغادره إلا للصلاة،
فقد سقط عرابي من ذاكرة الجميع، ونساه الناس،
– فى مساء 21 سبتمبر 1911.. 28 رمضان 1329هـ..جاء بائع اللبن ليطرق باب بيت أحمد عرابي كالعادة، فخرج الشيخ العجوز أحمد عرابي يجـرّ قدميه، ويترنح من المرض والهموم، وبينما هو يأخذ إناء اللبن من البائع الذي لا يعرفه، سقط عرابي على الأرض، وقطرات اللبن تبلل لحيته ووجهه وملابسه…
– في اليوم التالي جاء اللبان، وعرف بموت الرجل العجوز عرابي، وأنه هو الزعيم الذي كان قائدا لأعظم ثورة مصرية، فأُصيب اللبان بالهيستيريا وظل يصرخ، وانتشر الخبر بين سكان حي المنيرة ثم القاهرة، وكان تعليق المصريين باردا سمجا: (هو كان لسه عايش، ده إحنا افتكرناه مات من زمان)
– ظل جسد الزعيم الثائر على فراش الموت، لا يجد أهله المال لتكفينه ودفنه، وشاء الله أن تصرف وزارة المالية المعاشات قبل عيد الفطر
– بينما جنازة أحمد عرابي تسير في صمت، ليس فيها إلا عائلته الصغيرة فقط، كان المصريون في الشارع يحملون (صواني كعك العيد) فوق رؤوسهم إلى الأفران، وهم ينظرون في لامبالاة إلى الجنازة المجهولة.. وأحدهم يسأل باستنكار: (مين اللي مات؟) فيرد عليه آخر: (بيقولوا واحد اسمه أحمد عرابي)!!!!
– اسمه بالكامل (أحمد محمد عرابى محمد وافى محمد غنيم عبد الله) مواليد محافظة الشرقية، في 1 أبريل 1841م .. حفظ القرآن الكريم صغيرا، ووصل إلى منصب ناظر الجهادية (وزير الدفاع)، وكان أميرالاي (عميد حاليا)
– فشلت ثورة عرابي بسبب خيانة الخديوي وبعض القبائل التي ساعدت الإنجليز في البحيرة والشرقية والأسكندرية، وخيانة محافظ القاهرة (خنفس باشا) وخيانة بعض الضباط المصريين الذين باعوا عرابي للإنجليز، وكانوا يسخرون منه بأنه لا يفارق المصحف ولا يترك (أوراده) حتى وقت المعارك.
… ولذا ترك أحمد عرابي القضية، بعد أن عرف في منفاه كل تفاصيل الخيانة والمؤامرات من المصريين الذين ضحى بحياته من أجلهم، ولماذا باعه رجاله من الضباط المصريين وقادة القبائل، حينها تأكد أنه يدافع عن بشر لا يستحقون، ثم اصدرت الملكة فيكتوريا عفوا عن عرابى عام 1901 ، وعاد عرابي إلى مصر
عاد أحمد عرابي من المنفى في 30 سبتمبر 1901م ليقيم مع أولاده بعمارة البابلي بشارع الملك الناصر المتفرع من شارع خيرت، بحي السيدة زينب.
وفي 13 أكتوبر 1901 صدرت جريدة المقطم المؤيدة للإنجليز، وبها حديث عن عرابي انه القى سيفه ويعتذر عن الثورة!!!
ولم يعد المصريون يتذكرون عن عرابي بعد وفاته سوى انه قد أحضر معه من منفاه في سيلان (سيريلانكا) شجرة المانجو، وعرفت مصر شجرة المانجو لأول مرة، على يد أحمد عرابي.