الرئيسية / مقالات / في ظل غياب الرقابة والتشريع الرادع: النصب العقاري في رأس سدر

في ظل غياب الرقابة والتشريع الرادع: النصب العقاري في رأس سدر

 

من وراء تشويه سمعة القرى السياحية والنصب العقارى في مدينة رأس سدر؟

بقلم/ د. أشرف رضوان

 

لغز غامض يحيط بمدينة الأشباح، أو مدينة رأس سدر الجميلة، التي بَنى عليها آلاف المواطنين آمال كبيرة لاستثمار أموالهم فيها، لطبيعتها الخلابة، وجوها المعتدل، ومياهها الصافية، وقربها من القاهرة ومدن القناة. فأهم ما يميز هذه المدينة، بالإضافة إلى بناء مطار رأس سدر الدولى والانتهاء من نفق الشهيد أحمد حمدى 2، جعلت منها مدينة جذب سياحى، وتجتمع هذه العوامل لتكون الدافع وراء منافسة العديد من المستثمرين لاستثمار أموالهم فيها، إلا أنه بعد عام 2011 تسلل بعض مستثمرى النصب العقارى ونجحوا في الحصول على تراخيص وموافقات من الجهات المختلفة تحت مُسمى بناء قرى سياحية، ويبدو ظاهريًا أنهم تحالفوا ضمنيًا واتفقوا على طرق النصب التى سوف يسلكونها بعد الحصول على أراضى المشروعات الوهمية.

والخطة كما هو واضح أن تبدأ كل شركة من شركات النصب فى بناء أول مرحلة وتشطيبها على مستوى عال من أجل تصويرها وتسويق البيع فى القرية، وهذا هو الفخ الذى نصبه هؤلاء المرتزقة لضحاياهم من متضررى النصب العقارى خاصة بعد إغرائهم بطرح الأسعار البسيطة الجاذبة للحجز وطرق الدفع المُيسرة التى تُعد فى متناول أيدي المواطنين لرخص ثمنها، وبعد انقضاء مدة السماح للبناء وقرب ميعاد التسليم تبدأ شركات النصب فى التنصل من وعودها بعدة سيناريوهات، أولها مخاطبة الملاك بعدم الرغبة فى تسلم الأقساط لعدم القدرة على الإيفاء بوعودها فى تسليم الشاليه الخاص بالمالك نظرا لغلو الأسعار وتترك الخيار للمالك فى فسخ العقد واسترداد ما دفعه للشركة على أقساط طويلة الأجل أو اللجوء إلى القضاء الذى يستغرق سنوات لحين الوصول إلى الحكم النهائي، أو الضغط على الملاك لمحاولة إقناعهم بدفع فروق أسعار مُبالغ فيها ولا تمثل الطفرة التى حدثت فى تغيير أسعار موأد البناء بل أكثر بكثير.

 

 

هذا بالإضافة إلى تحميل المالك كافة الالتزامات التى يجب أن تسددها الشركة للدولة بداية من حصة الدولة بالعملة الصعبة مرورا بفرض أسعار لعدادات الكهرباء والمياه، غير الأسعار المعمول بها فى الحكومة، وأيضًا تطبيق الزيادة فى محاسبة استهلاك المياه وحتى الانتهاء بفرض رسوم جديدة من أجل إنشاء محطة لتحلية مياه الشرب ليجد المالك نفسه أمام دوامة من الإتاوات لا تنتهي بسبب غياب الرقابة على هذه الشركات، فيضطر المالك لمحاربة الشركة بكل الوسائل الممكنة للعمل على استرداد حقه ومحاولة الخروج من هذه القرية الوهمية التابعة لشركة النصب العقاري بأقل الخسائر.

ولا شك في أن هذه الشركات تعمل على المساعدة فى الترويج لسوء السمعة عن قصد لأسباب مقنعة من الناحية العملية، فالمالك لن يستمتع بالشاليه عندما ينوى قضاء نهاية الأسبوع بسبب عدم وجود خدمات وانقطاع المياه والكهرباء بشكل دائم فيضطر إلى تأجيره، فلم يجد بسبب عدم توافر الخدمات مما يضطر إلى الإعلان عن بيعه ولم يجد المشتري بسبب السمعة السيئة التى اكتسبتها الشركة مما يجعل العديد من المواطنين فى حالة حذر منها، وأخيرا يضطر المالك إلى التنازل عن الشاليه للشركة بأى ثمن حتى يتخلص من العذاب الذى يلاحقه ليعود الشاليه إلى الشركة مرة أخرى، لتبدأ الشركة فى بيعه من جديد لضحية أخرى وتتبع نفس سيناريو النصب مع المالك الجديد.

وهكذا، فإذا فرضنا أن هناك بعض الملاك من الذين حصلوا على حكم محكمة واجب النفاذ بتسليم الشاليه فسوف يكون مصيره الدخول فى صراع مع بلطجية الشركة المأجورين للنيل منهم إما باستخدام العنف أو السرقة، كوسيلة من وسائل الضغط من أجل التنازل عن الشاليه، وهذا يتم فى القرى التابعة للشركات سيئة السمعة بعلم المسئولين الذين يقفون مكتوفي الأيدي بدون اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم لوقف هذه المهزلة.

والغريب فى الأمر أن هناك عشرات الشكاوى التى أُرسلت إلى بعض أعضاء مجلس النواب الموقر من أجل التصدى لهذه الظاهرة وإيجاد حل لها، إلا أن أحدًا لم يفكر حتى الآن فى طرحها فى المجلس أو يتقدم بطلب إحاطة لاستجواب المسئولين عن هذا التواطؤ، لتظل رأس سدر مدينة أشباح، فالعديد من القرى السياحية يملكها أباطرة النصب العقارى الذين يستمتعون بمساعدة أحد المسئولين الفاسدين للنصب على المواطنين تحت شعار “الإستثمار السياحى”.

شاهد أيضاً

أشهر العادات والتقاليد الرمضانية في العالم

كتبت الصحفيه : فاطمه عبد المنعم علي يجمع شهر رمضان حول العالم بين الإيمان والتاريخ …