بقلم / مارينا رؤوف
يُعد الإعلام من أهم القوى المؤثرة في المجتمعات الحديثة، إذ لم يعد مقتصرًا على نقل الأخبار والمعلومات فقط، بل أصبح أداة أساسية لتشكيل الفكر وصياغة الوعي لدى الأفراد والجماعات. فوسائل الإعلام المتنوعة، سواء كانت تلفزيونية أو إذاعية أو رقمية، تتيح الوصول إلى شرائح واسعة من المجتمع بسرعة وفعالية، مما يجعلها قوة قادرة على التأثير في الرأي العام واتجاهات المجتمع.
يعمل الإعلام على توعية الأفراد بمختلف القضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية، ويمنحهم المعلومات الدقيقة التي تساعدهم على فهم الواقع واتخاذ قرارات واعية. وعندما يُقدّم الإعلام محتوى موثوقًا، يصبح المواطن أكثر قدرة على تحليل الأحداث والتصرف بحكمة، كما تسهم البرامج التثقيفية والوثائقيات والحملات الإعلامية في رفع مستوى الثقافة العامة، وتعزيز السلوكيات الإيجابية والقيم الصحيحة داخل المجتمع.
ولا يقتصر دور الإعلام على تقديم المعلومات فقط، بل يمتد ليشمل مواجهة الشائعات والمعلومات المغلوطة. فالإعلام مسؤول عن تصحيح المفاهيم الخاطئة وتوضيح الحقائق، مما يساهم في حماية المجتمع من التأثيرات السلبية للمعلومات المضللة ويشجع على ثقافة التحقق والبحث عن الحقيقة. وفي ظل الثورة الرقمية وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح هذا الدور أكثر أهمية من أي وقت مضى لضمان وصول محتوى موثوق للمواطنين.
ويؤثر الإعلام أيضًا بشكل كبير على الوعي السياسي، إذ يساعد الأفراد على فهم القضايا العامة والقرارات الحكومية وتحليلها. ويشجع الإعلام المواطن على المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية، سواء من خلال التصويت أو المشاركة في المبادرات المجتمعية أو النقاشات العامة. ومن خلال هذا الدور، يصبح الفرد عضوًا واعيًا ومسؤولًا داخل المجتمع، قادرًا على المساهمة في صناعة القرار.
كما يلعب الإعلام دورًا محوريًا في المجال الثقافي، فهو يساهم في نشر التراث والفنون والقيم الوطنية، ويعزز الانتماء والهوية الوطنية. كما يتيح للأفراد الاطلاع على ثقافات أخرى بطريقة إيجابية تُثري الفكر وتوسع المدارك. ويعمل الإعلام كذلك على تعزيز قيم التسامح والتفاهم بين أفراد المجتمع، ويقوي الروابط الاجتماعية من خلال البرامج التثقيفية والمبادرات الإعلامية الهادفة.
بالإضافة إلى ذلك، يمتد تأثير الإعلام ليشمل المجال الاقتصادي، إذ يوجه الرسائل التسويقية والإعلانية، ويؤثر في سلوك المستهلك وقراراته، ما يوضح مدى قوة الإعلام في جميع جوانب الحياة. ويشير هذا الدور إلى أهمية تطوير الإعلام وتحسين جودته ومصداقيته للحفاظ على تأثيره الإيجابي في المجتمع.
ولا يمكن تجاهل دور الإعلام في مواجهة التحديات المعاصرة، مثل التضليل الإعلامي والإشاعات والأخبار الكاذبة. فالاعتماد على إعلام مسؤول وموثوق يساهم في حماية المجتمع من هذه الظواهر، ويعزز قدرة الأفراد على التمييز بين الحقيقة والزيف، مما يقوي الثقافة النقدية ويشجع على التفكير المستقل.
وفي النهاية، يُعد الإعلام قوة حقيقية في بناء مجتمع واعٍ، قادر على مواجهة التحديات واتخاذ القرارات الصحيحة. ودعم الإعلام المسؤول وتعزيز محتواه الهادف يشكل خطوة أساسية نحو مجتمع متقدم، يتمتع أفراده بالوعي والمعرفة الكاملة، ويستطيعون المشاركة بفعالية في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية.
أخبار الجمهور نبض الشعب وقلب الحقيقة