بقلم: ماجد أشرف
مصر ليست في حاجة لـ “موسم” لتثبت عظمة تاريخها، لكنها اكتفت بـ “شرارة” غير مقصودة في الرياض لتدحض محاولات التقليد الساذجة. المشهد كان صادماً بقدر ما كان رمزياً: أهرامات “البوليفارد” تتحول إلى كومة رماد، لتختزل الفارق بين التاريخ الأصيل الذي تحدى سبعة آلاف عام، وبين مجسمات ترفيهية سريعة الاشتعال. بينما يتباهى المسؤولون، وعلى رأسهم تركي آل الشيخ، بمليارات الدولارات التي صُرفت على استنساخ مبهرج للحضارات، جاء حريق الأهرامات ليُفضح حقيقة أن الأصالة لا تُشترى بكمية من “الورق” المالي تُستبدل بالحجر الفرعوني الخالد! هذه ليست مجرد خسارة مادية، بل هي هزيمة معنوية تؤكد: الأصل ثابت، والمُقلَّد إلى زوال رماد.
مشهد النيران التي التهمت هياكل “أهرامات الورق” هذه لم يكن مجرد حادث بسيط نتيجة خلل كهربائي محتمل، بل كان رسالة مدوية فجّرت مقارنة حتمية بين ما يمكن صناعته في بضعة أيام، وما صُنِع ليصمد لآلاف السنين.
ففي الوقت الذي تحولت فيه تلك النماذج الترفيهية سريعة الزوال إلى رماد، ظلت أهرامات خوفو وخفرع ومنقرع في مصر شامخة، شهادة خرسانية وحجرية على أن العظمة ليست مجرد ديكور موسمي، بل هي إرث حقيقي لا يقبل التكرار أو التقليد. إن ما بناه الفراعنة القدامى منذ ما يقرب من سبعة آلاف عام لم يكن مجرد مبانٍ، بل كان هندسة فلكية وتاريخاً منقوشاً لا تمحوه رياح ولا تأكله نار.
إن الفارق بين البناء الذي أقيم ليكون جزءاً من لعبة ترفيهية وينتهي بانتهاء موسمه، وبين الهيكل الذي صُمم ليكون بوابة للخلود، هو الفارق بين “الزمن الراهن” و”عقد التاريخ”. هذا الحدث يضع النماذج المقلدة في مكانها الحقيقي: مجرد ظل باهت تلاشى مع أول شرارة، بينما يثبت أن الأصل المصري الثابت من يد الفراعنة هو الذي كتب قواعد التاريخ، وليس مجرد فصل عابر فيه.
المقال يختتم برسالة واضحة: الحضارة لا تستورد؛ هي تُبنى وتُصان، وتظل مصر هي العنوان الأبدي لكل من يبحث عن الشموخ الذي لا يخشى النيران.
“الأصل ثابت، شامخ إلى الأبد.. المقلد ورقه انتهى”
أخبار الجمهور نبض الشعب وقلب الحقيقة