مريم مسعد تكتب: معركة النفس الداخلية

يتميز الاضطراب النفسي باختلال سريري جسيم في إدراك الفرد أو ضبطه لمشاعره أو سلوكه، وعادة ما يرتبط بالكرب أو بقصور في مجالات مهمة من الأداء، علماً بأن أنواع الاضطرابات النفسية كثيرة ومختلفة. ويُشار إلى الاضطرابات النفسية أيضاً بحالات الصحة النفسية. وهذا المصطلح الأخير أوسع نطاقاً ويشمل الاضطرابات النفسية والإعاقات النفسية والاجتماعية والحالات النفسية (الأخرى) المرتبطة بكرب شديد، أو قصور كبير في الأداء، أو خطر إيذاء النفس. وتركز صحيفة الوقائع هذه على الاضطرابات النفسية المبينة في المراجعة الحادية عشرة للتصنيف الدولي للأمراض

وفي عام 2021، كان نحو شخص واحد من كل 7 أشخاص (1.1 مليار شخص) في جميع أنحاء العالم، مصابين باضطراب نفسي، وكان القلق والاكتئاب الشكلين الأكثر شيوعاً من تلك الاضطرابات (1). أمّا عام 2020، فقد شهد ارتفاعاً كبيراً في عدد من يعانون من اضطرابات القلق والاكتئاب بسبب جائحة كوفيد-19، حيث تبين التقديرات الأولية زيادة في اضطرابات القلق بنسبة 26٪ واضطرابات الاكتئاب الرئيسية بنسبة 28٪ خلال عام واحد فقط (2). ورغم وجود خيارات فعالة في مجالي الوقاية والعلاج، فإن معظم المصابين بالاضطرابات النفسية لا تُتاح لهم رعاية فعالة، كما يعاني كثيرون من الوصم والتمييز وانتهاكات حقوق الإنسان.

اضطرابات القلق

في عام 2021، كان 359 مليون شخص مصابين باضطراب القلق، منهم 72 مليون طفل ومراهق (1). وتتميز اضطرابات القلق بمشاعر الخوف المفرط والقلق والاضطرابات السلوكية ذات الصلة، وتكون أعراضها وخيمة بما يكفي لتسبب كرباً شديداً أو قصور جسيم في الأداء. وهناك عدة أنواع مختلفة من اضطرابات القلق، من بينها: اضطراب القلق العام (المميز بالقلق المفرط)، واضطراب الهلع (المميز بنوبات الهلع)، واضطراب القلق المجتمعي (المميز بالخوف المفرط والقلق في المواقف الاجتماعية)، واضطراب القلق الانفصالي (المميز بالخوف أو القلق المفرط بشأن الانفصال عن الأفراد الذين تربطهم بالشخص رابطة عاطفية عميقة)، وغيرها من الأنواع. ويوجد علاج نفسي فعال، وقد يُنظر أيضاً في إعطاء الأدوية رهناً بعمر الفرد ووخامة حالته.

الاكتئاب

يختلف الاكتئاب عن تقلبات المزاج المعتادة والانفعالات العابرة إزاء تحديات الحياة اليومية. وخلال نوبة الاكتئاب، يعاني المكتئب من تكدّر المزاج (الشعور بالحزن وسرعة الغضب والخواء) أو فقدان المتعة أو الاهتمام بالأنشطة، في معظم الأوقات، وكل يوم تقريباً، لمدة أسبوعين على الأقل. وقد تظهر عليه أيضاً أعراض أخرى عديدة منها ضعف التركيز، أو الإفراط في الشعور بالذنب أو ضعف تقدير الذات، أو اليأس من المستقبل، أو التفكير في الموت أو الانتحار، أو اضطراب النوم، أو تقلبات الشهية أو الوزن، والشعور بالتعب أو فتور الطاقة أكثر من العادة. والمصابون بالاكتئاب معرضون لخطر الانتحار بشكل متزايد، ولكن يوجد علاج نفسي فعال، وقد يُنظر أيضاً في أخذ الأدوية رهناً بعمر الفرد ووخامة حالته.

انفصام الشخصية

يؤثر انفصام الشخصية على 23 مليون شخص تقريباً أو على شخص واحد من كل 345 شخص في أنحاء العالم (1). ويقل متوسط العمر المتوقع بين المصابين بانفصام الشخصية بما يتراوح بين 9 سنوات عن عامة السكان (2). ويتميز انفصام الشخصية باختلالات شديدة في التمييز وتغيرات في السلوك. وقد تشمل أعراضه الأوهام المستمرة أو الهلوسة أو التفكير المضطرب أو السلوك غير المتزن بشدة أو الإثارة الشديدة. وقد يواجه المصابون بانفصام الشخصية أيضاً صعوبات مستمرة في أدائهم المعرفي. ولكن يوجد طائفة من خيارات العلاج الفعالة، ومنها الأدوية، والتثقيف النفسي، والتدخلات الأسرية، وإعادة التأهيل النفسي