عيد ميلاد يتحول… لجريمة

بقلم: ماجد أشرف 

في واحدة من أبشع الجرائم التي شهدتها مدينة الشيخ زايد في هذة الأيام ، تحولت خيوط الخلاف الأسري إلى دماء سالت داخل منزل هادئ تقيم فيه سيدة ستينية، لم يخطر ببالها أن نهايتها ستكون على يد ابنها الوحيد… ابن احتفلت معه قبل أسابيع بعيد ميلادها الستين، ولم تكن تعلم أن الشموع التي أضاءت يومها الأخير ستُطفأ بعدها بشهور على يد من أحبّته وربّته.

 

من ضحكة عيد ميلاد إلى ليلة رعب

 

الأم التي ظهرت في صور عيد ميلادها بابتسامة رضا، تقطع تورتة وسط ديكور بسيط في بيتها الصغير… لم يخطر ببالها أن الابن نفسه الذي وضع الشمعة “60” على قالب الكيك، سيعود ليضع قطعة حديدية فوق رأسها… لا للاحتفال، بل لإنهاء حياتها.

 

في لحظة من الغليان والغضب، تحولت العلاقة بين أم وابن إلى مواجهة دامية، انتهت بصرخة لم يسمعها أحد سوى جدران الغرفة… وجدران لم تستطع إنقاذ امرأة لفظت أنفاسها الأخيرة تحت وقع الضربات.

 

تفاصيل الجريمة: وحشية لا تُصدّق

 

بحسب التحريات والمعاينة، دخل المتهم – 40 عاماً ويعمل تاجراً للملابس – في مشادة كلامية مع والدته داخل شقتهما.

المشادة تطورت سريعاً إلى صراخ، ثم إلى عنف، ثم إلى سقوط آخر حاجز إنساني بين أم وابنها.

 

المتهم حمل قطعة حديدية ثقيلة، ووجّه لأمه ضربات مباشرة إلى الرأس.

الضربات كانت عنيفة لدرجة أحدثت تهتكاً كبيراً بالجمجمة، ونزيفاً حاداً جعل وفاتها فورية…

جريمة لم تكن مجرد قتل، بل كانت تحطيماً لآخر معاني الرحمة في قلب رجل لم يعد يرى شيئاً أمام غضبه وشكوكه.

 

رواية “الفيديوهات غير الأخلاقية”… الشرارة التي أشعلت النار

 

التحقيقات الأولية كشفت أن المتهم ذكر – في بدايات استجوابه – أنه تلقى من أحد معارفه حديثاً عن وجود “فيديوهات غير أخلاقية” منسوبة لوالدته على الإنترنت، ما زرع في نفسه الشك والغضب والعار، ودفعه للدخول في حالة عصبية مدمرة.

 

النيابة تتحفّظ على الرواية، وتتعامل معها كـ احتمال غير مؤكد، لكنها مع ذلك كانت جزءاً مما قاله المتهم في اعترافاته الأولية.

 

رواية – حتى لو كانت غير صحيحة – كانت كافية لإشعال معركة نفسية داخل رأسه، خاصة مع تعاطيه للمواد المخدرة من حين لآخر، وهو ما أكدت عليه التحريات.

 

المخدرات… وقود العنف وفقدان السيطرة

 

تحريات المباحث أثبتت أن المتهم كان يتعاطى مواد مخدرة بشكل متقطع، وأن سلوكه كان مضطرباً في الأيام الأخيرة.

التحقيقات ترجّح أن تعاطي المخدرات لعب دوراً كبيراً في انهيار أعصابه بهذه الطريقة الوحشية، وأنه فقد السيطرة على نفسه تماماً أثناء الواقعة.

 

المثير أن المتهم – رغم عمله في تجارة الملابس – كان يحوم حوله كلام من الجيران بأنه على “تواصل مع تجار مواد مخدرة”، وأنه يرافق أشخاصاً مشبوهين… ما فتح باباً جديداً لفهم خلفيات الحدث.

 

القبض والتحقيق… وأسئلة بلا إجابات

 

بعد بلاغ من مديرية أمن الجيزة، انتقلت قوة أمنية إلى موقع الجريمة، لتعثر على الأم جثة هامدة، ورأسها تهشمت بضربات متتالية.

المتهم لم يهرب… لم يقاوم… جلس في ركن الشقة صامتاً، ينظر إلى الأرض، وكأنه مستوعب لأول مرة أنه قتل الإنسانة الوحيدة التي كانت تحبه بلا شروط.

 

النيابة أمرت بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيق، وتشريح الجثة، والتوسع في فحص رواية الفيديوهات المشبوهة، والتحقيق في دوره مع المخدرات.

 

مأساة إنسانية… وصدمة لا تنتهي

 

الجريمة لم تقتل أما فقط… بل قتلت معها تاريخ بيت كامل، وكسرت قلوب جيران شهدوا سنوات من الحنان والرعاية بين الأم وابنها.

 

كيف يمكن لابن أن يرفع يده على أمه؟

بل كيف تسقط أم تحت ضربات ابنها دون أن تُسمع؟

وكيف يتحول احتفال بعيد ميلاد الستين… إلى ذكرى موت لا تُنسى؟

 

أسئلة مؤلمة… ستظل تلاحق كل من عرف الأم، وكل من شهد الجريمة… وحتى المتهم نفسه لن يستطيع الهرب منها مهما طال حبسه.