بقلم: ماجد أشرف
في عزبة العرب، بمنطقة بهتيم بشبرا الخيمة، بمحافظة القليوبية، مساء يوم الاربعاء الموافق 12 نوفمبر 2025، تحولت لحظات اللعب بالسلاح الناري غير مرخص الى مأساه إنسانية، بعدما أطلق شاب اسمه “ابراهيم” يبلغ من العمر “18” سنة، النار عن طريق الخطا على والدته داخل منزلها لتسقط غارقه في دمائها امام عينيه.
ولم يكن أحد من الجيران يتخيل ان صوت طلقة الرصاص، التي هزت أرجاء المنطقة، ستكون سببا في فقدان الأم، التي اسمها “فاطمه عبد الله” وتبلغ من العمر “38” سنة، على يد اقرب الناس إليها، وهو ابنها الذي كانت تعتبر سندها في الدنيا بعد وفاه زوجها.
وكشفت التحقيقات التي تجريها النيابة العامة بمحافظة القليوبية تفاصيل جديدة حول الحادث المأساوي الذى أودى بحياة أم على يد ابنها.
حيث قال المتهم إبراهيم خلال إدلائه باقواله: أنا أحب أمي ولم أقصد أقتلها وكنت أعبث في فرد خرطوش وفجأة خرجت طلقة بالخطأ من الخلف أصابتها في منتصف رأسها ووجهها، وخرجت بعدها الشارع مذهولا غير مصدق أنني قتلت أمي.
وأضاف المتهم أنه كان يقضي عقوبة في قضية ضبطه بمواد مخدرة وأن والدته كانت تزوره باستمرار وتقف بجانبه رغم صعوبة ظروفها بعد وفاة والده.
وأوضحت تحريات المباحث أن الحادث وقع أثناء عبث الشاب بسلاح ناري غير مرخص كان يحتفظ به داخل المنزل، فانطلقت منه رصاصة أصابت والدته في منتصف الرأس والوجه لتلفظ أنفاسها الأخيرة في الحال.
وانتقلت على الفور قوات الشرطة وسيارات الإسعاف إلى موقع الحادث، وتبين وجود الجثة داخل غرفة المعيشة مصابة بطلق ناري أودت بحياتها فورا.
تم التحفظ على السلاح النارى المستخدم في الواقعة وضبط المتهم الذي بدا في حالة انهيار تام مرددا: هي كانت كل حياتي.. مش قصدي اقتلها والله.
وأمرت النيابة العامة في شبرا الخيمة بحبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيقات مع التحفظ على السلاح المستخدم وإرساله للمعمل الجنائي لفحصه، كما أمرت بتشريح الجثمان لبيان السبب الدقيق للوفاة.
وخيم الحزن على أهالي عزبة العرب عقب الحادث الذين تجمعوا أمام المنزل في مشهد مؤلم وقال أحد الجيران: الست فاطمة كانت طيبة ومكافحة طوال عمرها ولم تقصر مع أولادها ولم يكن أحد يتخيل أن تكون نهايتها على إيد ابنها الذى كانت تدافع عنه في كل مرة.
فيما أكد آخر أن نجلها إبراهيم كان في الفترة الأخيرة يمر بحالة اضطراب نفسي بعد خروجه من السجن، وأن والدته كانت تحاول مساعدته واحتواءه.
وبهذا المشهد الحزين أسدل الستار على واحدة من أقسى المآسي الإنسانية في مدينة شبرا الخيمة، حيث تحولت يد الحنان إلى ضحية للعبث والإهمال والموت، وسقطت أم كانت عنوانا للتضحية في سبيل أولادها برصاصة طائشة أطلقها من يفترض أن يكون قلبها النابض بالحياة وهو ابنها الذى قتلها.
وفي النهاية عزيزي القارئ، لم تكن «فاطمة» مجرد قصة تُروى أو حادثة تُسجَّل في دفاتر الشرطة، كانت أمًا صنعت من التعب حياة، ومن الفقر كرامة، ومن اليُتم قوة. رحلت وهي تحاول أن تكون جدارًا يُسند أبناءها… لكن الرصاصة لم تُصب جسدها وحده، بل اخترقت قلب كل من عرفها، وكل من يؤمن أن “الأم” هي آخر خطوط الأمان في هذه الدنيا.
رحلت فاطمة لتترك خلفها بيتًا بلا روح، وأطفالًا بلا حضن، وشابًا سيحمل ذنبًا أثقل من السجن والملاحقة… ذنبًا سيطارده ما بقي من عمره. لم تمت وحدها، مات معها جزء من معنى الرحمة في هذا العالم القاسي.
وفي بهتيم، حيث تعود الناس على صخب الحياة، خيّم صمتٌ يشبه البكاء حين سقطت أمٌ كانت تحارب الدنيا من أجل أولادها… ليسقطها في لحظة من فقدوا طريقهم، ومن ظنّوا أن العبث بالسلاح لهوٌ بلا ثمن.
رحم الله «فاطمة»…
وألهم قلوبنا أن نتعلّم من ألمها، فبعض الأخطاء لا تُصلحها الدموع، وبعض الرصاص لا يعود إلى غمده… حتى لو أطلقته يدٌ كانت ترتجف حبًا قبل أن ترتجف ندمًا.
أخبار الجمهور نبض الشعب وقلب الحقيقة