الرئيسية / أخبار عاجلة / السلام النفسي

السلام النفسي

كتبت: شيماء جابر جمعه

كثيرًا ماينتاب الإنسان مشاعر الاضطراب النفسي والقلق، ويتذكر كل تلك الأحداث المأساوية التي تعرض لها، بل ويتذكر كل الكلام السلبي الذي قد وُجه إليه، إنه يفقد سلامه النفسي رويدًا رويدًا في تلك اللحظات العصيبة من حياته، ويكتشف أنه لم يغفر أبدًا لكل تلك الذكريات السوداوية، وتتوقف حياته عند تلك اللحظة من عدم السلام أو الاستقرار النفسي

حيث لا يستطيع المُضي إلى الأمام ولا حتى العودة إلى الوراء لمعالجة تلك المواقف التي مر بها، ومايزيد الأمر سوء أن كل تلك المشاهد والمواقف السلبية، لا تزال تأخذ حيزًا كبيرًا في عقله اللاواعي _ حتى لو تناسى تلك الذكريات في عقله الواعي _ وبالتالي يحدث الكثير من المواقف المشابهة لتلك المواقف المخزنة في العقل الباطن، لأنه لم يتعامل بطريقة واعية معها منذ البداية.

نستعرض في ذلك المقال مفهوم السلام النفسي، والآليات التي يمكن من خلالها الوصول إليه، وبالتالي الحصول على حالة من الاستقرار والتوازن على مستويات الحياة المختلفة.

تعريف السلام النفسي

يقول ماركوس أوريليوس “أن من يعيش في وئام مع نفسه يعيش في وئام مع العالم”، في حقيقة الأمر لم يخطئ ماركوس أبدًا في تلك المقولة، ولكن ربما ينقصها جزء هام وهي أنه من يعيش في حالة سلام مع الله سوف يحيا بالتأكيد حالة سلام مع نفسه ومن ثم الآخرين والعالم الخارجي.

وذلك يعني أن السلام الداخلي يبدأ من الروح، أي من تحسين علاقتك مع الله لأنه عز وجل نفخ في الإنسان من روحه فهو جزء متأصل فينا، وبالتالي البداية الحقيقية أو المنطلق الأول هو السلام مع الله.

ومن ناحية أخرى فإن السلام النفسي يعني الحصول على راحة البال والهدوء النفسي والتخلص من الفوضى النفسية أو تحرير النفس من كل الأفكار والمشاعر السلبية التي تأصلت في اللاوعي أو النفس البشرية، كما يرتبط مفهوم السلام النفسي بتقبل الذات، تقبلها بكل مافيها من مميزات وعيوب، تفهم طبيعتها البشرية ومنحها الحب وتجنب جلدها إلى حد قد يؤذيها حقًا.

مرحلة السلام النفسي

يقول أحد الأشخاص كـ تعبير عن السلام النفسي: كنت مدمن للكحول منذ فترة المراهقة، وفي الحادية والعشرين من عمري ذهبت إلى أحد الأطباء النفسيين وتم تشخيصي بـ “اضطراب الشخصية الحدية” وهو عبارة عن مرض عقلي يجعلني أشعر بأنني غير مستقر ودائمًا أحوالي متغيرة

ومن الصعب جدًا أن يتعايش شخص مع شخص مثلي، في بعض الأوقات أشعر بالحيوية، وقد كان إدماني للكحول بالإضافة إلى الاضطراب النفسي الذي أعاني منه سببًا للقيام بالعديد من الأمور التي تُعد مجنونة

لقد أصبحت شخص يسبب الكوراث وأقوم بإيذاء نفسي والآخرين، ورغم ذلك كنت شخص طيب جدًا، كنت أتعاطف مع الآخرين وأسعى أن أساعدهم، واكتشفت في نهاية الأمر أنني لم أؤذي أحدًا أكثر من نفسي، لأنه حتى في حالة إيذائي للآخرين كان يراودني الشعور بالذنب والعار، وأدخل في دوامة جلد الذات.

وأخيرًا قد حصلت على العلاج المناسب وتعافيت وأصبحت شخصًا رصينًا بعد فترة طويلة من الاضطراب، ولكن سمعت بعض الأشخاص في محيط عائلتي يتحدثون عن مفهوم السلام النفسي أو راحة البال، وقد كان ذلك الأمر _أي السلام النفسي _ يشكل جزء كبير من تفكيري، سعيت للبحث عن معنى ذلك المفهوم الذي يبدو غريبًا لي، وتوصلت في نهاية المطاف إلى أن السلام النفسي واحترام الذات يرتبط بـ قدرة الشخص على خلق حالة ذهنية مستقرة من خلال الأمور التي يفعلها في حياته

وبالتالي هو المسؤول عن الوصول إلى مرحلة السلام النفسي، أن تتصرف بنزاهة يجعلك تشعر بالسلام مع النفس، مهما كانت آراء وتصرفات من حولك، يجب عليك التمسك بالنزاهة حتى تستطيع في نهاية اليوم الذهاب إلى سريرك وأنت تشعر براحة الضمير والبال.

كيف أصل إلى السلام النفسي

إن مسألة الوصول إلى السلام النفسي لاترتبط بالنزاهة في التعاملات مع الآخرين فحسب، بل أن هناك طرق عديدة للوصول إلى تلك المرحلة من الاستقرار والتوازن النفسي، تتمثل أهم تلك الطرق في الآتي:

احصل على أفضل نسخة من نفسك

أحضر أجندة خاصة بك وأكتب فيها ما هي الصفات الجيدة التي تسعى إلى تنميتها، صفات الخير مثل اللطف والإنصاف والتسامح والرحمة والصبر والحفاظ على الكرامة، وأيضًا اكتب صفاتك السيئة واسعى إلى التخلص منها بقدر المستطاع، وتأكد أنك لن تكون شخصًا مثاليًا أبدًا، ولكنك تستطيع الحصول على أفضل نسخة من نفسك.

لا تجلد ذاتك ولكن اسعى إلى تقويمها

إن جلد الذات من أخطر الأمور التي قد يواجهها الشخص في حياته، حيث أن تأنيب النفس والضمير قد يصل إلى الحد المرضي قد يدفعك إلى ارتكاب المزيد من الأخطاء أو كره الذات، وبالطبع ذلك أبعد ما يكون عن السلام النفسي، إن أخطئت كل ما عليك هو تقويم السلوك الخاطيء والتعهد بعدم العودة إليه مرة أخرى.

تخلص من الكمال

إن النفس البشرية جُبلت على، النقص وليس الكامل، ولذلك يجب أن يتخلى الشخص عن مفهوم الكمال الإنساني لأنه غير حقيقي، إن الكمال صفة يختص بها الله عز وجل، وبالرغم أن الإنسان فيه من روح الله، ولكنه مجرد جزء من الكل.

قم بتصحيح أخطائك مع الآخرين على الفور

إذا ارتكبت أي خطأ في حق أحد الأشخاص، أو تعاملت معه بشكل سيء، يجب الاعتذار فورًا وتصحيح الخطأ تجاه ذلك الشخص، فأنت بذلك تقوم بتعديل سلوكك مع الآخرين وبالتالي تقوم بتخفيف أي شعور بالذنب أو السوء.

خذ نفسًا عميقًا

إن ممارسة تمارين التنفس بعمق، يخفف من وطأة الضغوط النفسية، والواجبات والمهام الحياتية، اسعى إلى تخصيص وقت للتنفس العميق لمدة دقيقة من ثلاث إلى خمس مرات يوميًا.

لا تمارس الألوهية مع الآخرين

لا تمارس دور الألوهية مع البشر، وتقوم بالحكم عليهم فهذا ليس دورك أبدًا، إن القيام بالحكم على الآخرين أو انتقادهم أو التفكير في شئون حياتهم يجعلك تنسى ذاتك وتنشغل بالذوات الأخرى، وبالتالي تفقد تواصلك بنفسك.

التأمل

مارس التأمل ودع قلبك وعقلك يتحرران من ضغوط الحياة والتفكير المستمر، تواصل مع ذاتك فحسب، حيث يساعد التأمل على صفاء الذهن والشعور بانشراح الصدر، يمكنك أيضًا من ممارسة اليوجا والتمارين الرياضية حيث يساعد التدريب على التخلص من الطاقات السلبية المحيطة بالإنسان.

ثقافة الامتنان

إذا كنت تستطيع ممارسة الامتنان في غمر الأحداث السلبية والضغوط النفسية التي قد تمر بها فأنت حقًا محظوظ، إن الامتنان يساعدك على تلقى المزيد من الأشياء التي تمتن لها، واترك الأمور السلبية جانبًا إنها سوف تتلاشى وسط كل الأمور الإيجابية في حياتك.

لا تهتم بآراء الآخرين عنك

إن الاعتماد على آراء الآخرين يؤثر على سلامك النفسي، لا تهتم بتلك الآراء وخاصة السلبية والمحبطة منها واسعى دائمًا إلى الأمام وتحقيق النجاح .

سامح الآخرين

إن سلوك المسامحة يساعدك على التخلص من المشاعر السلبية تجاه الأشخاص الذين قاموا بإيذائك، التسامح حقًا يمنحك شعورًا عميقًا بالسلام النفسي.

شاهد أيضاً

مواعيد حجز تذاكر قطارات عيد الفطر المبارك

كتبت: مي وليد تواصل هيئة السكة الحديد فتح باب حجز تذاكر السفر بمناسبة قرب عيد …