الرئيسية / التاريخ / “الأزهر المعمور….سيرة ومسيرة”

“الأزهر المعمور….سيرة ومسيرة”

 

كتب:عمرو الشيمي

في ذكرى تأسيسه ال1081ه‍ و1053م الأزهر الشريف شمس الإسلام التي لا تغيب.

        قبل 1081عاماً هجريا و 1053عاماً ميلادياً “تقريبا” سطع في سماءِ القاهرة نجم من نجوم الإسلام الزاهرة “الجامع الأزهر”_(359:361)هجريا_(970:975)ميلاديا.

وهو أحد أهم المساجد في مصر وأشهرها في العالم العربي والإسلامي،وهوجامع وجامعة منذ أكثر من ألف عام،بالرغم من أنه أنشيء لغرض نشر المذهب الشيعي عندما تم فتح مصر على يد “جوهر الصقلي” الذي أنشىء الجامع الأزهر.

    وجوهر الصقلي هو قائد المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر،إلا أنَّ الأزهر حاليا يدرس الإسلام حسب المذهب السني.

      أصبح المسجد نجم نجوم الإسلام والدعوة الإسلامية،وفيما بعد أصبح المسجد والجامعة الملحقة به شمس العلوم الإسلامية التي تنير العالم كله شعوباً ودولاً،يمتد نور علم هذه الشمس من القاهرة شرقاً،وغرباً،وشمالاً،وجنوباً،فليست هُناك بقعة على الأرض إلا وفيها أحد طلاب الأزهر،وكتابا من كتب علمائه،فالأزهر الشريف شمسا لا ينقطع عطاؤها،ربما يقل في بعض الأحيان،وربما تحاول بعض السحب أنّْ تغطيه،لكن هيهات!

فشمس الأزهر والإسلام الحنيف أبدا لن تغيب.

      أُقيمت أول صلاة جمعة في الجامع الأزهر في 7 رمضان 361ه‍_972م. وهو أول جامع أُنشىء في مدينة القاهرة الفاطمية،وأقدم وأكبر جامعة إسلامية في العالم الإسلامي يأتي إليها الدارسون من مختلف البلدان.

      ومنذُ اليوم الأول لافتتاح الجامع الأزهر،والأزهر يقوم بدور هام في نشر الدعوة الإسلامية،والعلوم الدينية المرتبطة من فقه،وتفسير،وتوحيد،وحديث،وعبادات ومُعاملات،وغيره من العلوم الشرعية،وهو بمثابة المنارة التي تُضيئ عُقُول المسلمين في كل عصر وحين.

       يعتبر المسجد ثاني أقدم جامعة قائمة بشكل مستمر في العالم بعد جامعة “القرويين”، وقد اعتبرت جامعة الأزهر الأولى في العالم الإسلامي لدراسة المذهب السني والشريعة،والقانون الإسلامي.

     أُمِّمت داخل المسجد جامعة متكاملة كجُزء من مدرسة المسجد مُنْذ إنشائه وفي عام 1961م عُينت جامعة مستقلة رسمياً في أعقاب الثورة المصرية لعام 1952م.

     اهتمام الولاة والحكام بالأزهر الشريف:

       زاد كثير من ولاة الفاطميين في بناء المسجد،وحبسوا عليه الأوقاف ،ومثالا لذلك “العزيز نزار” (365:386)(976:996)م فقد جعله معهداً علمياً وأنشأ به ملجأ للفقراء يسع 35شخصاً.

        ولما جاء الحاكم بأمر الله (411:386)ه‍ (1020:996)م زاد في بناء المسجد.

      وفي عام 519ه‍ أنشأ العامر في محرابا،وحلّاهُ بالنقوش الخشبية،وقد زاد المستنصر والحافظ في بناء المسجد شيئا قليلا.

     وبعد سقوط الدولة الفاطمية أفل نجم الأزهر على يد صلاح الدين الأيوبي الذي كان يهدف من وراء ذلك إلى محاربة المذهب الشيعي،ومؤازرة المذهب السني، فمنع الخطبة فيه وظلت معطلة 100عام إلى أن أعيدت في عهد السلطان المملوكي الظاهر بيبرس البندقداري.

     ويعد العصر المملوكي من أزهى وأفضل العصور التي عاشها الأزهر الشريف حيث تسابق حكام المماليك في الإهتمام بالأزهر طلابا وشيوخاً،وتوسعوا في الاهتمام به،والإنفاق عليه ،بالإضافة إلى بنيته المعمارية.

       وأما في العصر العثماني فقد أظهر سلاطين الدولة العثمانية احتراما كبيراً للمسجد وأهله بالرغم من مقاومته لهم،ووقوفه مع المماليك خلال حربهم مع العثمانيين.

       إلا أن الجامع خلال تلك الفترة قد أصبح المكان الأفضل لدى عموم المصريين،والأولى بتلقي العلوم،والفقه في الدين،وأصبح مركزاً لأكبر تجمع لعلماء مصر،

كما بدأ الأزهر في تدريس بعض علوم الفلسفة،والمنطق لأول مرة.

       وخلال الحملة الفرنسية على مصر كان الأزهر مركزاً للمقاومة،وفي رحابه الطاهرة خطط علماؤه لثورة القاهرة الأولى،وتنادوا بها،وتحملوا ويلاتها،وامتهنت حرمته خاصة عندما اقتحم “نابليون بونابرت” بخيوله الجامع الأزهر هو وجنوده،وأهانوا الجامع والمصلين،

وفي أعقاب ثورة القاهرة الثانية تعرض علماء الأزهر لأشد أنواع التعذيب،وفرضت عليهم الغرامات الفادحة،وبيعت ممتلكاتهم وحليّ زوجاتهم الذهبية،

وبعد مقتل كليبر فُجِعَ الأزهر في بعض طلبته وفي مقدمتهم “,سليمان الحلبي” والذي قام بقتل كليبر،وبينما كان الاحتلال الفرنسي يلفظ أنفاسه الأخيرة حتى صدرت الأوامر باعتقال شيخ الأزهر الشيخ عبدالله الشرقاوي” وظلت تخيم أزمة عدم الثقة بين الأزهر وسلطات الاحتلال الفرنسي حتى آخر أيامه ورحيله عن البلاد.

     وبعد انسحاب الفرنسيين من مصر ظهر محمد علي باشا بدور المنقذ الذي أنقذ البلاد من الاحتلال فعين نفسه والياً على مصر استجابةً للشعب،ويعد محمد علي باشا مؤسس الأسرة العلوية التي حكمت مصر من 1805م إلى عام 1952م ،وسعى لتوطيد حكمه عن طريق التقرب من علماء الأزهر،وسار على نهجه أبناؤه،وأحفاده،والذي كان آخرهم الملك فاروق الذي تنازل عن العرش الملكي بسبب ثورة 1952م،

وفي أعقاب هذة ثورة وفي عام1961م تم إعلان استقلال جامعة الأزهر،وإنشاء العديد من الكليات وفقا للقانون الصادر في هذا العام.

         الدور السياسي للأزهر الشريف:

لعب الأزهر أدواراً كبيرةً وكثيرةً في الحياة السياسية المصرية،وخصوصاً منذ قدوم الحملة الفرنسية على مصر عام 1798م فقد كان الأزهر مركزاً للمقاومة الشعبية ضد الاحتلال ومنه خرجت ثورات القاهرة الأولى والثانية في الفترة من عام 1798م إلى 1801م،وفي أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م أعلن الراحل “جمال عبدالناصر” من على منبر الأزهر أن مصر لن تستسلم لقوى العدوان،وأن مصر ستقاتل حتى تُدْحِر العدوان.

      وقد لقي الأزهر اهتماماً كبيراً من زعماء مصر وتم تجديده أكثر من مرة في السبعون سنة الماضية تزامناً مع الاحتفال بألفية الأزهر،وآخر مرة تم تجديد المسجد كان في عهد حسني مبارك عام 1998م.

       وفي مارس عام 2018م افتتح الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور”أحمد الطيب”،والرئيس عبدالفتاح السيسي،وولي العهد السعودي أحدث عمليات ترميم الجامع الأزهر حصن الإسلام،وحامي الشريعة.

        الدور التنويري للأزهر الشريف:

      إن مرور 1083م عاما هجريا على بدء العمل في إنشاء صرح الإسلام العظيم الممثل في الأزهر الشريف،و1080عاما على افتتاحه للصلاة فيه أفضل مناسبة للحديث عن مكانة الأزهر،ودفاعه عن قيم الوسطية،والإعتدال في الفكر الاسلامي،والتصدي لتيارات التطرف،ونشره للعلوم الشرعية واللغة العربية،فالأزهر مؤسسة تعليمية ثقافية علمية،

ومن هيئاته الرئيسية:مجمع البحوث الإسلامية،والمجلس الأعلى للأزهر،وهيئة كبار العلماء،ووزارة الأوقاف،إلى جانب جامعة الأزهر التي تضم أكثر من خمسين كلية تستوعب عشرات الآلاف من الطلاب،كمان أن هناك شبكة واسعة من المعاهد الأزهرية التي ينتقل منها الطلاب إلى جامعة الأزهر.

     والأزهر اليوم قلعة ذات حصون منيعة متقدمة للدفاع عن مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة،والفكر الإسلامي المستنير،وعن القيم الراقية في الثقافة والحضارة الإسلاميتين،وللوقوف في وجه الاستبداد بكل أشكاله،سواء أكان ذا طابع سياسي أم فكري ثقافي أم يرتدي مسوحاً دينية،

وللأزهر حضور واسع في عدد كبير من دول العالم في آسيا،وأفريقيا،وأوروبا،والأمريكتين،واستراليا من خلال المئات من المبعوثين من الوعاظ ،والأئمة،والمدرسين،وخريجي الأزهر.

ويستمد الأزهر الشريف قيمته العليا،ومكانته المتميزة من العقيدة الصحيحة التي ينشرها ويعلمها للأجيال داخل مصر وخارجها،وهي عقيدة أهل السنة والجماعة،والتي تحض على التعاون،والوحدة،والتآلف،والتآزر،

وتنهي عن الصراع،والخلاف،وانشقاق الصفوف،ونقض ميثاق الأخوة الإسلامية.

         ومن حسن حظ الأزهر أنه يوجد على رأسه في هذا الزمن العصيب شخصية علمية رفيعة المستوى،واسعة الخبرة،عميقة الثقافة،منفتحة على العصر،ودارسة للفكر الإسلامي،ومحيطة بتياراته،فالدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف من العلماء الفضلاء،ومن المفكرين المستنيرين،ومن العاملين المخلصين في نشر الفكر الإسلامي الصحيح المبرأ من الغرض،والهوى،والغلو،والتشدد،فهو وسطي في أفكاره،وأرائه،وسطي في سلوكه،وممارساته،وسطي في إدارته للأزمات التي عصفت ولا تزال بمصر،

يسعى دائما لجمع كل الأطراف حول مائدة الحوار تحت قبة الأزهر، نشهد له بمواقفه العديدة في الدفاع عن الإسلام والمسلمين.

     حفظ الله الأزهر شيخاً،وعلمائاً،ومدرسين،وطلاباً،وعاملين.

شاهد أيضاً

العملة الصعبة تهدد موسم الحج السياحي.. والشركات تستغيث بالحكومة

كتبت : هاجر حسن قال عاطف عجلان، عضو غرفة شركات السياحة، إن الحج السياحي يواجه …